د. أكرم حمدان - خاص "الأفضل نيوز"
هناك مقولة أو مثل شعبيّ شهير يقول "إنّ أيلول طرفه بالشتي مبلول"، وذلك في دلالة على اقتراب بدء فصل الشتاء والتحضير له ما يلزم من تموين واستعداد وخصوصاً في القرى والبلدات الجبلية حيث تتساقط الثلوج وتنقطع الطرقات، إلا أن أيلول السياسة يبدو مختلفاً على الصعيد الداخلي اللبناني أو حتى على المستوى الإقليمي والدولي، فحرب الإبادة التي يشنّها العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة مستمرة وتتمدد نحو الضفة وكل بقاع فلسطين، والمواجهة في الجنوب اللبناني متواصلة وكذلك الأمر في البحر الأحمر وبحر العرب.
أمّا داخلياً، فهناك من يُراهن على حراك اللجنة الخماسية، علّها تُعيد بعض الزخم للملف الرئاسي الذي بات شغوره يقترب من السنتين، على الرغم من أن المواقف الداخلية للقوى السياسية لا زالت على حالها ولم تتغير.
وفي المعلومات المتوفّرة، يُفترض أن يبدأ الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان جولة مشاورات ومباحثات جديدة في المملكة العربية السعودية، مع الوزير في الديوان الملكي نزار العلولا وربما يُشارك في هذه المحادثات السفير السعودي في بيروت وليد البخاري تمهيدًا لاجتماع سفراء الخماسية الذي سيعقد في دارة البخاري في بيروت منتصف الشهر الجاري.
ويأتي هذا الحراك المتجدّد بعد انتهاء عطلة شهر آب الصيفية لدى مختلف الأطراف بما فيهم مجلس النواب الذي عاود نشاط لجانه واجتماعاتها بداية أيلول الحالي، على أمل التمهيد لجلسات تشريعية ملحّة وضرورية لإقرار بعض المشاريع والاقتراحات، وتمهيدًا أيضًا لجلسة انتخاب الرئيس العتيد في حال نجحت المساعي المبذولة في تحقيق التوافق بين الأطراف الداخلية وحتى الخارجية.
وفي السياق، ما برح رئيس مجلس النواب نبيه بري، يؤكد أن مبادرته القائمة على الحوار والتشاور هي التي تفتح الطريق إلى انتخابات رئاسية في أسرع وقت ممكن، وأن الجلوس على طاولة التشاور اليوم قبل الغد للتوافق على ما يؤمّن مصلحة للبنان، وهذه المصلحة تكمن أولاً في انتخاب رئيس للجمهورية.
وكان بري جدّد مبادرته في كلمته المتلفزة في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، وسبق ذلك لقاء مطول عُقِد في عين التينة بين الرئيس بري والسفير السعودي وليد البخاري، وقد وُصفت أجواء هذا اللقاء بالجيدة وبأن الملف الرئاسي كان البند الوحيد خلال اللقاء وأن السفير البخاري عرض لتحرك اللجنة الخماسية خلال الفترة المقبلة.
وبمعزل عن كل التكهنات والتحليلات، فإن المواقف المعلنة من قبل الأطراف لا توحي حتى الآن بأن أجواء أيلول ستكون مبلّلة ببعض الحلول، مع العلم أن المطر والشتاء قد بدأ في بعض المناطق في بداية الشهر.
لكن الرهان على نهاية أيلول، قد تتبلور معالمه من خلال المسار الجديد الذي ستسلكه "الخماسية" وما إذا كانت ستحمل جديداً في ظل التعقيدات التي تُحيط بالواقع الإقليمي والدولي والتي قد تفتح بعض الثغرات كلما اقتربت لحظة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
في المحصلة، فلنرى ما يُمكن أن يتغير في التعامل مع الحرب على غزة لكي يُبنى على الشيء مقتضاه، رغم أن الجميع يتحدث عن فصل مسار الحرب عن المسار الرئاسي، لكن الوقائع لا تشي بذلك، فإما تسوية كبرى ومن ضمنها لبنان برئاسته وكل ملفاته وتفاصيله المختلفة، وإما إستمرار الفراغ والمراوحة إلى حين بلوغ ونضوج التسوية، وهكذا يتبين إذا كان طرف أيلول فيه شيء من الحلول أو لا.