كتب فؤاد بزي في الأخبار:
تلاشى الأمل بأيّ تصحيح لسلسلة الرتب والرواتب على مشارف السنة السادسة من الانهيار المصرفي والنقدي. ستبقى رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين على حالها السابقة. هذا ما يُفهم من مشروع موازنة 2025 الذي أحالته وزارة المال إلى رئاسة الحكومة قبل أيام؛ لا تصحيح لسلسلة الرتب والرواتب، بل سيبقى «الترقيع» هو جوهر العلاج والذي يترجم بزيادات من خارج أساس الراتب، لا تحتسب في معاشات نهاية الخدمة. وهذا الأمر يهدّد بمزيد من النزف في الموارد البشرية ذات الكفاءة في القطاع العام، كأنّ الحكومة تدفع موظفيها نحو خيار «الرحيل» أو مواصلة تعطيل القطاع العام.مع موازنة عام 2025، تأكّد توجه الحكومة بعدم رغبتها في تصحيح سلسلة الرتب والرواتب، وتفلّتها من أيّ سقف زمني لتعديل رواتب الموظفين.
وتبيّن أنّ الحلّ الوحيد الذي ستعتمده لمحاولة إرضائهم، وتقسيمهم، هو توزيع العطايا على شكل تعويضات تختلف باختلاف السلك الوظيفي. فقد نصّت المادة 48 من مشروع موازنة عام 2025 على «تعديل المادة 115 من موازنة عام 2022، وتعليق أحكام المادة 81 من موازنة عام 2019»، لتصبح التعويضات من دون سقف، بعدما كانت محدّدة بنسبة 75% من مجموع الرواتب الأساسية في السنة نفسها، في موازنة عام 2019. علماً بأنّ المادة 115 في موازنة عام 2022 علّقت المادة ذاتها في موازنة عام 2019، إنّما لتاريخ محدّد ينتهي في آخر عام 2024 الجاري. أما الآن، فأصبح التعليق من دون تاريخ زمني محدّد، وربط حصراً بـ«تعديل سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام»، وفقاً لنص المادة 48 من مشروع الموازنة.
تشير أرقام مشروع الموازنة بوضوح إلى التوجه الحكومي. ارتفعت كتلة الرواتب من 45821 مليار ليرة عام 2024، إلى 95770 ملياراً لعام 2025. ولم يطرأ تغيير حقيقي على الكتلة المخصّصة للرواتب، إذ ارتفعت بشكل طفيف من 27898 مليار ليرة عام 2024 إلى 29034 ملياراً لعام 2025، أي بزيادة 1136 مليار ليرة، ما يعادل 12.6 مليون دولار. بل ظهرت الزيادة بشكل فاقع في الكتلة المالية المخصصة للتعويضات التي ازدادت 5.4 أضعاف، من 10747 مليار ليرة عام 2024 إلى 58774 ملياراً لعام 2025. وداخل فئة التعويضات، تغيّرت قيمة تعويض النقل بشكل طفيف، وبقيت تعويضات الأعمال الإضافية على حالها، فيما تضخّمت الكتلة المدرجة تحت عنوان «تعويضات مختلفة» 65 مرةً، من 660 مليار ليرة لعام 2024، إلى 43172 ملياراً لعام 2025، أي بزيادة 42512 مليار ليرة، أو ما يعادل 473.4 مليون دولار.
يؤكّد هذا المؤشر الرغبة الحكومية في «دفن سلسلة الرتب والرواتب، ووأد أي فكرة تحاول إعادة إحياءها»، تقول مصادر وزارة المال. وتجزم بأنّ «الخطة الحكومية السابقة لتعديل الرواتب عبارة عن تكرار لفكرة مضاعفة أساس الراتب المعتمدة حالياً، ولكن اشترط ميقاتي هذه المرّة أن تصدر بقانون عن مجلس النواب». وتقضي الخطة التي وضعت بالتنسيق بين وزارة المال ومجلس الخدمة المدنية بـ«إعطاء راتبين إضافيين بدءاً من شهر تشرين الأول المقبل، وراتبين إضافيين مع بداية عام 2025، على أن تشمل هذه العطاءات كلّ موظفي القطاع العام، بمختلف أسلاكهم». وبالتالي، يحصل الموظفون والمتقاعدون كافة على 4 رواتب إضافية، ما يجعل مجمل التقديمات هي 13 راتباً لكلّ الموظفين والمتقاعدين، باستثناء الأساتذة بمختلف فئاتهم الذين سيحصلون على 11 راتباً، وفقاً للخطة، على أن تبقى بدلات النقل والمثابرة من دون تعديل. «وتستمر العطاءات على هذا المنوال سنوياً للسنوات الأربع المقبلة، حتى تصل في نهاية عام 2027 إلى 45 ضعفاً لراتب عام 2019»، تختم المصادر.