عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
ليس من السهل الكتابة عن سماحة السيد الشهيد حسن نصرالله بصيغة الغائب، وهو الذي كان صاحب الحضور الطاغي والممتدَّ في الوجدان والقلب والساحات والمعادلات.
صحيح أن السيد كان مستهدفا منذ اللحظة الأولى لتوليه الأمانة العامة لحزب الله بعد استشهاد السيد عباس الموسوي، وصحيح أنه كان ينشد الشهادة في مواجهة العدو الإسرائيلي باعتبارها أقصى أمانيه، لكن تبين أن ذلك لم يكن كافيا من أجل تهيئة النفس لفكرة رحيله وإعدادها لتقبل لحظة الفراق.
كثر لم يصدقوا بعد أن السيد ارتقى شهيدا بغارة غادرة. بالنسبة إليهم هو اختفى لبعض الوقت بغية تضليل العدو في إطار تكتيكات المعركة، ولا بد من أن يظهر مجددا في التوقيت والمكان المناسبين لمواصلة المسيرة.
ليس سهلا على من اعتمد "تقويم" السيد وعاصر زمنه واستظل بعباءته وعايش انتصاراته أن يتآلف مع فكرة رحيله، حتى ولو أنه ارتقى إلى المكان الأحب إليه.
ولأنه "السيد" بكل ما يمثله ويرمز إليه، فقد تضاعف حضوره في لحظة غيابه، ليغدو أكثر كثافة من أي وقت مضى. بعد استشهاده، لم يعد القائد وحسب بل بات "القدوة"، وما عاد يُختصر بالأمين العام بل أصبح "الأمانة" التي ستنتقل من جيل إلى آخر.
لا مبالغة في القول بأن السيد عصي على الاغتيال، فهو يملك من الإرث والوهج ما يكفي لاستمراريته ولو بشكل آخر.
لقد قتلوه ولكنه لم يمت. غادر الشخص وبقي الطيف الذي لا يخرقه تفوق استخباري ولا صاروخ متطور ولا عميل مأجور ولا ذكاء اصطناعي.
خلال حياته كان السيد "عقدة" للعدو الإسرائيلي، وعقب استشهاده تحول "عقيدة" لدى كل من اعتنق خيار المقاومة ضد الاحتلال.
وبهذا المعنى، سيكتشف الإسرائيليون عاجلا أم آجلا أن ما فعلوه هو خطأ استراتيجي وليس إنجازا استراتيجيا، وسيتبين لهم أن الشهيد بات "ثقافة" لا يمكن اغتيالها مهما تفوقت تقنياتهم.
لقد تلقى جسم المقاومة ضربة قاسية لكنها ليست قاصمة، وهو سيستعيد حتما عافيته ونضارته لأن دم السيد سيسري في عروقه.