كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
الإبادة الجماعية التي يمارسها العدوُّ الإسرائيليُّ في غزة، نقلها إلى لبنان، الذي وعد قادته، بأن يحولوه إلى غزة ثانية، ويعودون به إلى "العصر الحجري"، وهذا ما يقوم به العدوُّ منذ نقل ثقله العسكري إلى شمال فلسطين المحتلّة منذ نحو أكثر من أسبوعين، فبدأ بمجزرة الاتصالات، التي أصيب فيها نحو خمسة آلاف مواطن غالبيتهم من عناصر "حزبِ اللّه"، واستتبع ذلك بقصف لمبنى سكني كان قادة "قوات الرضوانِ" يعقدون اجتماعًا فيه، فكان من بين الشهداء ابراهيم عقيل وهو قائد هذه القوات، ليقوم العدو بضربته الأمنية العسكرية، باغتيال الأمين العام لـ "حزبِ الله" السيد نصر الله، وهو هدف له منذ سنوات، وحاول في أثناء حرب تموز ٢٠٠٦، أن يصل إلى السيد نصر الله، فقصف مجمّعًا سكنيًّا ظنَّ أنه متواجد فيه، فلم ينجح في تلك المرحلة.
ومع اغتيال قادة بارزين في "حزبِ اللّه"، بدأ العدوُّ الإسرائيليُّ بالتدمير، الذي كان محدودًا في الشريط الحدودي، فدمّر نحو ألفي منزل بشكل كامل، بهدف إبعاد "قوات الرضوانِ" التابعة لـ "حزبِ اللّه" مسافة تتراوح ما بين ٨ و١٠ كلم، لتأمين عدد سكان المستوطنات في شمال فلسطين المحتلّة، والذين بلغ عددهم نحو ٨٠ ألف نازح، وفوّض للموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، أن يحل هذا الموضوع بالدبلوماسية وتطبيق القرار ١٧٠١ الصادر عن مجلس الأمن الدّولي في ١٢ آب ٢٠٠٦، لكن "حزب الله" اشترط وقف الحرب على غزة، التي ساندها بفتح جبهة الجنوبِ، التي كانت التطورات الميدانية فيها، توسع استهدافات العدوِّ الإسرائيليِّ لمناطق لبنانيّة تحت ذرائع وجود أسلحة ومخازن أسلحة، فكان ردُّ المقاومةِ باستهداف مراكز عسكريّة وأبراج مراقبة، فكان الميدان يتقدم على الحل السياسيِّ، في وقت كانت الحكومة الإسرائيليّة ورئيسها بنيامين نتنياهو يهددون لبنان، بأن لا خطوط حمر أمام جيش الاحتلالِ والاستخبارات العسكريّة، فقرر مجلس الوزراءِ المصغّر، ثم مجلس الحرب (الكابينت)، أن يكون لبنان هو الهدف الثالث بعد غزة والضفة الغربية، فتوسعت الحرب، ولم تسلم بلدة ومدينة في الجنوبِ من القصفِ الإسرائيليِّ، الذي كان يركز على الأبنية السكنيّةِ التي تقطنها عشرات العائلات، فكان عدد الشهداء يصل في لليوم الواحد إلى نحو ٧٠٠ شهيد وآلاف الجرحى، بنقل "سيناريو" غزّة إلى لبنان، كما توعده قادة العدوِّ.
فالعدوُّ الإسرائيليّ حقق أهدافًا في عدوانه، وهي القضاء على غالبية قيادة المقاومة، واللجوء إلى سياسة الأرض المحروقة، في عملية تدمير ممنهجة، إذ ارتفع عدد المناطق التي وصلت طائراته إليها، بعد أن غطت ضرباته كل الجنوبِ، كما البقاعِ لا سيما الشمالي منه وبعلبك ومحيطها، في وقت كان يركز في الضاحيةِ الجنوبيةِ على أهداف يعتبرها عسكرية، دون النظر إلى من يسكنها من المدنيّينَ، وهو الإجرام نفسه الذي لجأ إليه في غزّة، التي وصل فيها عدد الشهداء إلى نحو أكثر من ٤٥ ألفًا، غالبيتهم من الأطفال والنساء والعجزة، إضافة إلى ٢٠٠ ألف جريح، وتدمير أكثر من ٧٠٪ من القطاع.
وأعلن نتنياهو ومعه وزراء في حكومته، لا سيما وزير الحرب يواف غالانت، بأن الحرب لن تتوقف إلا بعد القضاء على المقاومةِ في لبنان، وإعادة سكان المستوطناتِ، وهذا هدف قد لا يحققه العدوُّ الإسرائيليُّ وهو ما حصل في غزّة، مما يعني أن الحرب الإسرائيليّة على لبنان لن تتوقف، وقد تطول لزمن غير منظور، وهو ما يقلق مسؤولين في الكيان الصّهيونيِّ، بأن يغرق جيش الاحتلالِ من جديد في مستنقع لبنان، إذا ما قام بعمليّة برية تنتظره المقاومة، التي تملك من القوة العسكريّة، بما يكبد العدوَّ الإسرائيليَّ خسائر بشرية ومادية، وهو جرّب غزو لبنان في أعوام ١٩٧٨ و١٩٨٢ و٢٠٠٦، فكانت خسارته فادحة، فانسحب في العام ٢٠٠٠، دون أن يحقق هدفه بإقامة "حزام أمني"، ولن ينجح من جديد.