عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
منذ اتساع نطاق الحرب، والضاحية الجنوبية تتعرض لعدوان إسرائيلي همجي يستهدف تدمير أحيائها والقضاء على مظاهر الحياة داخلها، في تكرار لتجربة حرب 2006 التي دمر خلالها العدو مناطق سكنية بالكامل من غير أن يتمكن من اجتثاث المقاومة.
وبدل أن تشكل جريمة "الأرض المحروقة" التي نفذها الاحتلال آنذاك في الضاحية سببًا لمحاسبته وإدانته حتى لا تتكرر مرة أخرى، لجأت قيادة الكيان إلى تكريسها كاستراتيجية تدمير وترويع حملت اسم "عقيدة الضاحية" التي عاود العدو لاحقًا تطبيقها في غزة ثم في لبنان مجدّدًا مع تطور مجريات الحرب أخيرًا.
وترتكز هذه العقيدة على تدمير البنى المدنية بشكل واسع للضغط على الحكومات أو المقاومات المسلحة المعادية للكيان ودفعها إلى الرضوخ لشروط الاحتلال وطلباته من أجل وقف العدوان.
وكان لافتًا أنه بعد عامين من الحرب المدمرة عام 2006 على لبنان، أكد رئيس القيادة الشمالية الإسرائيلية حينها، غادي آيزنكوت، أن "إسرائيل" ستواصل استخدام هذه الاستراتيجية المسماة عقيدة الضاحية في النزاعات المستقبلية، وهذا ما يفعله العدو حاليًّا في الضاحية نفسها حيث يعتمد القوة المفرطة لتهديم الأحياء السكنية وكل أشكال الحياة المدنية في تلك المنطقة التي كانت تضج بالحيوية، وذلك بلا أي مراعاة لمقتضيات القانون الدولي الذي كان من بين أوائل ضحايا العدوان على غزة ولبنان من دون أن يجري حتى الآن سحب "جثته" من تحت الركام.
ويفترض العدو أن القصف التدميري للضاحية سيضعف العمق الحيوي للمقاومة التي تقاتل على الحدود، وسيستكمل تقويض أطرها القيادية، وسيساهم في تأليب الناس المتضررين والنازحين عليها وسيؤدي إلى إضعاف الموقع التفاوضي للدولة.
لكن ما لم يدركه العدو بعد أن "عقيدة الضاحية" لن تفك "عقدة الضاحية" التي يعاني منها ولن تحرره من أسرها، وأن القصف الجوي مهما اشتد لا يستطيع أن يحسم المواجهة ولا أن يدفع البيئة الحاضنة إلى الاستسلام.
بل إن استشهاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في قلب الضاحية منحها رمزية إضافية من شأنها أن تقوي عزيمة أبنائها، وعزز مكانتها كحاضنة للمقاومة رغم ما حل بالمكان من خراب.
وإذا كان العدو يظن أن دخان الحرائق التي يُشعلها في الضاحية يمكنه أن يحجب حقائق الميدان ويخفف من وطأة إخفاقه في طلائع التوغل البري، فإن الوقائع أثبتت أن مأزقه عند الحدود الجنوبية سيتفاقم أكثر فأكثر كلما حاول التمدد في الأراضي اللبنانية وأن همجية غاراته لن تمنحه أفضلية برية في مواجهة رجال المقاومة الذين يتحينون الفرص للانقضاض عليه.
ورغم ما تتعرض له الضاحية من أهوال بفعل بربرية العدو الإسرائيلي، فإن الأكيد هو أن النصر سيبلسم جراحها في نهاية المطاف وإن كانت كلفته مرتفعة.