ليديا أبودرغم – خاصّ الأفضل نيوز
مع دخول عملية "طوفان الأقصى" عامها الثاني، تتضح العقلية الاستعمارية التي يحركها المجرم بنيامين نتنياهو، ليس فقط من خلال تصريحاته الصاخبة، بل من خلال أفعاله على أرض الواقع، حيث لا نحتاج لكثير من الخيال لنتوقع أي لون جديد سيكْسو الشرق الأوسط في الصراع المحتمل بين الاحتلال وداعميه وبين معسكر اللعنة والنقمة، وهو ما يُحذر منه مسؤولون في إدارة بايدن ويخافون حدوثه؛ لأن انعكاسه على مصالح الولايات المتحدة قد يكون مدمرًا، فضلًا عن تأثيراته المحتملة على الانتخابات الداخلية الأميركية التي سيستفيد منها أحد المتنافسين فيها وهو الرئيس السابق الجمهوري ترامب أكثر من منافسته الديمقراطية هاريس.
بعد عام من عملية "طوفان الأقصى"، وفي ظل عجز الكيان الصهيوني عن القيام بهجوم برّيٍّ في لبنان بالرغم من استخدامه لكل عوامل القوة العسكرية والتكنولوجية التي يملكها، مازال رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو يسابق الوقت من غزة إلى لبنان قصفاً واغتيالاً وتدميراً، تحت مسمع ومرأى دول العالم أجمع وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، الشريك الخفي لنتنياهو في تلك الحرب المدمرة التي تخطت الخطوط الحمر عسكرياً وأخلاقياً، والتي تتحرك بين حدين في دعمها للكيان خلال عدوانه على غزة ولبنان أولهما الدعم الأميركي المبدئي والثابت لوجود "إسرائيل" وأمنها.
لقد أعادت معركة "طوفان الأقصى" القضية الفلسطينية على الأجندة الإقليمية والدولية، حيث أدركت معظم دول العالم تماماً أن عدم حل القضية الفلسطينية لا يشكل فقط تهديداً للسلام والأمن الدوليين في الشرق الأوسط إنما على الصعيد العالمي برمته. كما أصدرت المنظمات الأممية قرارات مهمة لصالح القضية الفلسطينية، أبرزها الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من تموز الماضي، الذي يقضي بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي وضرورة إنهائه وتعويض الضحايا وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير، وإدراج الأمين العام للأمم المتحدة الاحتلال الإسرائيلي على القائمة السوداء الأكثر انتهاكاً لحقوق الطفل.
وبحسب مراقبين، فإن عملية "طوفان الأقصى" أثّرت على قطاع التطبيع الذي انطلق قبل السابع من أكتوبر، ما جعل القيادات العربية والأنظمة القريبة من الولايات المتحدة الأميركية تدرك أن المعركة أعادت القضية على الأجندة الشرق أوسطية من جديد بعدما حاولت تجاهلها قبل العدوان، ولن تتمكن من الانطلاق من جديد بما يسمى اتفاقيات السلام مع الاحتلال بدون حل القضية الفلسطينية.
رغم كل هذا التهويل وكل هذا الضغط، إلا أن نتنياهو وبايدن لا يمكنهما الهروب من المأزق الذي وضعا نفسيهما به، بعد توسع الحرب وبالتالي توسع بنك الأهداف للمحور، خاصة وأن العمليات العسكرية للمقاومة هي التي سترسم المشهد السياسي في المرحلة المقبلة وستوقف المخطط الاستراتيجي للإدارة الأميركية وكيان الاحتلال.
المعركة هي مع طرف واحد أميركي - صهيوني، وللقدرات الأميركية حدودها طبعاً، ومنها الخوف من تمادي روسيا والصين في الساحات الدولية بعد أن هُزم الأميركيون في أكثر من حربٍ في أفغانستان والعراق وغيرها، ولسوف يُهزمون مجدداً، لأن بقاء هيمنتهم ليست قدراً محتّماً في وجود قوى إقليمية ودولية صاعدة، ولأن شعوب الأرض لن ترزح تحت الهيمنة الأميركية إلى الأبد.