جهاد مراد - خاصّ الأفضل نيوز
لم يكن السابع من تشرين وطوفانه الإعجازي الزلزالي مجرد حدث عابر في تاريخ الصراع العربي الصهيوني لا بل شكل تمفصلا حادًّا بين حقبتين، الأولى :وهم القوة الأسطورية للكيان الصهيوني المؤقت، والثانية اهتزاز مرتكزات الكيان وانفضاحه على مرأى ومسمع العالم بعد الهزيمة الساحقة لفرقة غزة وسحل ضباطها وجنودها وسَوقهم من رقابهم أذلاَّء على أيدي أبطال حماس.
سنة مضت، والجيش الصهيوني يمارس أشنع وأبشع صنوف الإجرام والقتل والإبادة الجماعية والتطهير العرقي ليظهر على حقيقته وطبيعته العدوانية العنصرية الإجرامية عاجزًا مذعورًا من مواجهة المقاومين الذين ابتكروا آليات قتال بطولية من المسافة صفر فلجأ إلى القتل بدل القتال، والأهم، أنَّ الكيان ما كان ليبقى لولا الدعم اللامحدود من قوى الغرب الجماعي وأن استمرار الكيان كوظيفة لحماية المصالح الغربية أمر موضع تساؤل، سيَّما وأنه استدعى كل أشكال الدعم والحماية والتذخير بكل أنواع الأسلحة والتكنولوجيا الحديثة للبقاء على قيد الحياة وبدل أن يكون أداة ردع صار مردوعا، وبدل أن يكون الحضن الآمن لليهود، صار لعنة ترجمت هجرة عكسية، ما يعني ضرب المشروع الصهيوني من أساسه والقائم على أن الكيان واحة أمان لقطعان المستوطنين .
سنة مضت ولم يستطع نتنياهو من تحقيق أيٍّ من أهدافه، فلا حماس سُحقت ولا الأسرى جرى تحريرهم وكل ما تحقق قتل وتدمير وتهجير في حين لا زالت قوى المقاومة تُثخن جراحَ العدو وتنفذ العمليات البطولية وتحول دون استرخائه على أرض غزة رغم ثقل الدماء والدمار على كاهل المقاومة التي قدمت أنموذجا في الصمود والدفاع عن الأرض والمقدسات.
إنَّ فشل نتنياهو دفعه للاتجاه شمالا لتحقيق إنجازات ساهمت الولايات المتحدة الأميركية بتقديم رزمة منها من خلال التكنولوجيا المتطورة، فاغتال قادة المقاومة واستهدف قائدها ورمزها وملهم أجيالها- سماحة السيد حسن نصرالله- فانتشى وانتفخ ظنا منه أنه هزم المقاومة، لكنَّ إنجازاته بقيت تكتيكية لا ترقى إلى الحسم والنصر الاستراتيجي، فلا أوقف الصواريخ عن مستوطناته ولا استطاع حل معضلة النزوح فلجأ نتنياهو إلى التوحش والتغول في قتل المدنيين وتدمير الجنوب والضاحية والبقاع لتأليب البيئة والضغط على اليد التي تؤلم المقاومة غير أن جمهور المقاومة رغم تدمير المنازل والتشرد واللجوء إلى مراكز الإيواء زاد منسوب غضبه على الكيان المتغطرس وزاد معه التحلق حول المقاومة كخيار لا بديل عنه مهما غلت التضحيات لإحقاق الحق وصون الأرض والكرامة.
و ليس كما سمع العدو فإنه يرى المقاومة رغم فقدانها رعيلا من قادتها فإنها تكيفت وامتصت الصدمة وراحت تقاتل بتماسك ورباطة جأش واقتدار وأذلَّت نخبة النخبة في مارون الراس والعديسة ومنعت العدو من التقدم في البرِّ لاحتلال أرض الجنوب.
السابع من تشرين يعود بعد سنة مثقلا بالتضحيات الجسام لكنه أيضا مقرونٌ بالثبات والصمود وإفشال خطط ومشاريع العدو وخلفه أميركا والشرق الأوسط الجديد الذي يبحث عنه نتنياهو من دون قوى المقاومة والرفض والاعتراض على بقاء المشروع الصهيوني لن يجده إلا في زوايا عقله الواهم لأن الكيان مع استمرار استنزافه من قبل المقاومة سيتحول مع الوقت إلى جسم عليل يعيش سكرات الموت ومن يعش يرَ...