خليل حرب - خاصّ الأفضل نيوز
إن لم تقع معجزة في اللحظة الأخيرة، فإن المسرح يتجه لانفجار كبير، لا بسبب "طوفان الأقصى"، إنما بما كان يجري قبله، وما جرى طوال العام.
من أكثر تجليات هذا المشهد المرجح، مفارقة ساخرة: تسريبات منذ أيام حول "الأهداف" المحتملة والمختارة التي قد يهاجمها العدو الإسرائيليّ في إيران.
بداية، هذا تسويق نفسي لفكرة العدوان بالأساس في الوعي العام، هنا وعندهم، و"التطبيع" مع فكرة أن إشاعة الموت والخراب من جانب العدو في أنحاء المنطقة، هو أمر بديهي وطبيعي.
وثانيًا، هذه محاولة لإظهار الإسرائيلي - الأميركي وكأنه يمتلك زمام الأمور بالكامل لدرجة أنه يتصرف بأريحية من يختار من "لائحة الطعام Menu".
وبرغم اليدين المرتجفتين لنتنياهو بعيد ضربة الصواريخ المدوية في قلب الكيان، فإن إدارة جو بايدن، والرئيس نفسه، تصرفا منذ اللحظة الأولى على أن "الانتقام" الإسرائيلي هو "حق"، متناسين عن عمد، أن هجوم ليلة الصواريخ الإيرانيّة هو بالأساس ردّ على جرائم سابقة ارتكبتها الاحتلال (اغتيال اسماعيل هنية؛ اغتيال السيد نصرالله؛ اغتيال قادة كبار في الحرس الثوري.....).
المهم الآن، أن بايدن الأبله عندما ألمح إلى احتمال أن تستهدف "إسرائيل" منشآت إيرانية مرتبطة بالنفط، تسارع صعود الأسعار العالمية فورًا.
"مجموعة غولدمان ساكس"
توقعت ارتفاعًا كبيرًا لسعر خام النفط يتراوح بين 10 و20 دولارًا للبرميل خلال العام 2025، على فرضية حدوث اضطراب في إمدادات إيران بواقع مليوني برميل يوميًّا لمدة 6 شهور، حيث قد يصل سعر البرميل إلى 90 دولار حتى لو حاولت دول منظمة "أوبك" التي تقودها السعودية، تعويض الغياب الإيراني عن الأسواق.
هذا خبر سيء للاقتصاد العالمي
وهو أيضاً خبر سيء للأميركيين، في هذه اللحظة الانتخابية التي قد ترتد سلبًا على حملة كامالا هاريس. تفجير حرب أوسع، يبدو نقطة التقاء بين عصابة نتنياهو وبين دونالد ترامب الذي ترددت تقارير حوله بأنه يشجع العصابة على ضرب المنشآت النفطية الإيرانية، بما يسهم في زعزعة ثقة الناخبين المحتملين لكامالا هاريس، وميلهم بالتالي نحو الخيار الجمهوري الذي يحاول الإيحاء دائمًا بأنه قادر على وقف الحروب في المنطقة والعالم.
التقت المصلحتان على خيار التفجير
غزة منكوبة لكنها لا تزال تقاتل، وبيروت منكوبة، لكنها لن ترفع الأعلام البيضاء، واليمن ثابت على انخراطه في المقاومة الإقليمية، وسوريا تحت العدوان المتواصل والمتزايد وتيرة وقد لا يعود ضبط النفس ممكنًا، وهو ما يؤكد أن نتنياهو يسعى، في ظل الغطاء الأميركي المتوفر له، إلى تعميم النيران في المنطقة خدمة لأهدافه، بما في ذلك القول لجمهوره، أنه يفكك "وحدة الساحات"، وأنه سيستعيد الأمان الضائع الذي وعدتهم به دويلة الاحتلال منذ 70 سنة.
لا مفر من انفجار الاشتباك الإقليمي
ليلة الصواريخ الإيرانية، ربما كانت بمثابة "بروفة" من جانب الإيرانيين، لردع هذه الطموحات الإسرائيلية. لكن كما يبدو، فإن عصابتي نتنياهو وبايدن، ليستا على استعداد للاستماع.
وتتزايد التسريبات حول الأهداف المحتملة للعدوان الإسرائيلي الذي تريده إدارة بايدن أن يكون "متناسبًا" بحيث لا يفجر صراعًا واسعًا يجد الأميركيّون أنفسهم وقد تورطوا فيه في هذه الأيام الانتخابية، من بينها:
-منشآت النفط والغاز، واحتمال جزيرة خرج، أهم منافذ تصدير النفط الإيراني في الخليج
-منشآت مرتبطة بتكرير البنزين والديزل المخصصة للاستهلاك المحلي
-المجمع الرئاسي ومقر مرشد الجمهورية
-منشآت مرتبطة بالبرنامج النووي، برغم "تمنيات" بايدن بألّا يحدث ذلك
-مقرات للحرس الثوري في طهران
-قواعد إيرانية انطلقت منها الصواريخ في الهجوم على "إسرائيل"
-احتمال أن تشمل الضربات مناطق يعتبرونها تابعة للنفوذ الإيراني في العراق وسوريا وغيرها، مع تغليظ العدوان على لبنان.
هذه وصفة كاملة لسيناريو انفجار، وما لم يتم ردع دولة العدوان، سيكون هذا "عصرًا صهيونيًّا" بامتياز.
تسريبات من الجيش الاسرائيلي بانه يتوقع تعاونًا من "دول في المنطقة" في العدوان على ايران، لم يحددها.
الإيرانيون من جهتهم، توعدوا بأن خططهم البديلة للرد جاهزة، بما في ذلك ضرب محطات الطاقة ال3 التي تمتلكها "إسرائيل" سوية في آن واحد، أو كما قال القائد العام لقوات الحرس الثوري اللواء حسين سلامي: ملتزمون باستراتيجية "المرشد" في عدم التساهل وعدم التسرع.
مجدّدًا، ترى ماذا ستفعل بقية العرب؟