ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
بينت الأحداث المتلاحقة منذ الاجتماع الثلاثي، عن انقلاب المشهد رأسا على عقب، في ظل خلط الأوراق الذي حصل بُعَيدَ زيارة وزير الخارجية الإيرانية إلى لبنان، وما تمخضت عنه من نتائج، على أكثر من صعيد، داخلي وخارجي، أعادت معها الأمور إلى مربعها الأول، في الملفين المطروحين، رئاسة الجمهورية ووقف إطلاق النار على قاعدة تنفيذ القرار 1701، موجهة ضربة إضافية إلى المساعي الفرنسية المصطدمة بفيتو إسرائيلي كبير، يخفي خلفه قلوبًا "مليانة"، وقطبة مخفية سوداء.
مصادر ديبلوماسية مطلعة على الكواليس الدولية، كشفت بأن العلاقة بين البلدين بدأت بالتراجع مع تعيين مدير جديد لجهاز الاستخبارات الخارجية، الذي عمل بشكل وثيق في ملف داخلي له ارتباطات بالجاليات الشيعية في أفريقيا، من خلال متابعته لأوضاع اللاجئين من أصول أفريقية على الأراضي الفرنسية. وفي هذا الإطار تكشف المعلومات المتوافرة، أن رئيس الاستخبارات الجديد، كان له تأثيره في عدم تسليم «داتا» أساسية طلبتها المخابرات الأميركية «بتكليف» من «الموساد»، ترتبط بالمتمولين اللبنانيين من الشيعة وغيرهم في أفريقيا، الذين يدعمون حزب الله ماليا، ويقومون بنقل الأموال إليه عبر أوروبا، وهي مسألة سبق وأثارت توترا في العلاقات بين واشنطن وباريس سابقا، على خلفية رفض الأخيرة تلبية الطلب الأميركي.
وتتابع المصادر، إن «تل ابيب» تخوض المعركة بالوكالة عن واشنطن مع باريس، بعدما عاد «الايليزيه» من جديد إلى ممارسة التقية السياسية، من خلال ذهابه في التفويض المعطى له أبعد من المطلوب لبنانيا، خصوصا راهنا بعد عودته إلى لعب دوره السابق، من خلال محاولة تمريره اتفاق منقوص فيما خص ال1701، مبررا ذلك بخوفه على جنوده المنتشرين جنوبا، فيما الحقيقة مرتبطة بمصالح اقتصادية بناها الفرنسيون في لبنان، والأمر الثاني الملف الرئاسي، حيث حاولت فرنسا في غضون أيام تمرير اسم للرئاسة يتوافق مع مصالح الثنائي التي يمثلها راهنا رئيس مجلس النواب.
ورأت المصادر أن المسألة أبعد بكثير من الموضوع اللبناني فهي «قلوب مليانة»، سرها في تصريح بنيامين نتنياهو بأن هدف الحرب الحالية، هو تغيير منطقة الشرق الأوسط، أي بمعنى أصح إعادة رسم خريطتها بما فيها الجغرافية من جديد، ما يعني دفن اتفاقية «سايكس- بيكو» نهائيا، وبالتالي إنهاء آخر وجود فرنسي في المنطقة، وهو أمر لا يمكن أن يكون دون مساعدة وقرار أميركي، خصوصا في حال عودة المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومواقفه المعروفة من الرئيس إيمانويل ماكرون.
وختمت المصادر بأن باريس راكمت ما يكفي من الخلافات مع المحور الأميركي- «الإسرائيلي»، وعرَّضت الأمن القومي للطرفين في المنطقة للخطر، بعدما حاولت اللعب على وتر «الشيعية السياسية» في لبنان، محاولة الاستفادة من التناقضات والأوضاع الدولية المعقدة، بعدما أخرجتها واشنطن منذ حرب الخليج الأولى من المعادلة في هذا الجزء من العالم، فمن دورها السلبي في إنهاء «ثورة 17 تشرين»، إلى محاولاتها المتكررة لتمرير صفقة رئاسية لصالح محور الممانعة في بيروت، أخرجها من لبنان والمنطقة إلى غير رجعة، وزيارة وزير الخارجية الفرنسية إلى «تل أبيب»، لن تبدل من الواقع شيئا.