نوال أبو حيدر- خاصّ الأفضل نيوز
تفاقمت أزمات لبنان الاجتماعية والصحيّة، إثر توسّع الحرب، ودفعت العديد من المواطنين للنزوح، واضطرت بعض المستشفيات الواقعة في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وغيرها إلى إجلاء المرضى، في وقتٍ سُجلّت فيه آلاف الإصابات جرّاء القصف المتواصل، مما فرض ضغوطًا إضافية على القطاع الطبّي.
وكان قد أشار وزير الصحّة الدكتور فراس الأبيض إلى أنّ "النظام الصحّي في لبنان يواجه الكثير من التحدّيات وهو قادر على التّغلّب عليها بالتعاون بين مختلف شرائحه"، مؤكدًا أنّ "منظمة الصحّة العالمية ترفع الصوت للدفاع عن النظام الصحّي في لبنان وحماية العاملين الصحّيين في ظل الظروف الراهنة".
وبدورها كانت قد حذرت منظمة "أطباء بلا حدود" من أن "ظروف الحرب القاسية التي يرزح تحتها لبنان تُعرّض النظام الصحّي للإجهاد، لافتةً إلى أنّ المستشفيات تواجه خطر نفاد المواد الطبّية المستخدمة لعلاج الجروح بعد كلّ مرّة يتدفّق فيها الجرحى إلى غرفة الطوارئ، كما ومن تفشي الأمراض المعدية في بعض مراكز الإيواء، نظرًا لاكتظاظها وغياب خدمات المياه والصرف الصحّي".
فالكثير من أصوات الوزراء والنواب صدحت متحدثةً عن خطط استباقية تحسبًّا لأيّ حرب تطال لبنان، البلد المعروف بأنّ كلام هؤلاء فيه كثير والفعل قليل، فكيف تتعاطى وزارة الصحّة مع هذا الموضوع وتحديدًا في مراكز الإيواء؟
مصادر مواكبة للملف، أكدّت في اتّصال مع "الأفضل نيوز" أنّ "ظروف الحرب في لبنان عرّضت النظام الصحّي والاجتماعيّ إلى خطر كبير، خاصةً في مراكز الإيواء، حيث ازداد الضغط السكانيّ في ظروف غير مثالية، وتفاقمت معها التحدّيات الصحيّة والاجتماعية على حدّ سواء، فدُمرت المستشفيات والعيادات الطبّية في المناطق التي تتعرض للعدوان الإسرائيليّ، فأصبح من الصعب تأمين الأدوية واللوازم الطبّية الأساسية، إلى جانب تدمير البنية التحتية في مناطق النزاع ما يؤثر مباشرةً على خدمات المياه والصرف الصحّي وما يمنع النظام الصحّي على تقديم خدماته، وتلقائيًا تتزايد فرص انتشار الأمراض".
وأمام هذا الواقع، تقول إنّ "جميع هذه العوامل تشير إلى أنّ الحرب في لبنان شكلت تهديدًا على صمام الأمان أي للنظام الصحّي والاجتماعيّ، مما يتطلب استجابة منسقة ودعمًا محليًا ودوليًا للحفاظ على الخدمات الأساسية في ظل الظروف الراهنة".
ولمعالجة هذه التحدّيات، ترى المصادر أنّ "وزارة الصحّة اللّبنانية هي الجهة المسؤولة بالدرجة الأولى، من حيث تبنيها مجموعة من الحلول الاستراتيجية التي تركز على تحسين الخدمات الصحيّة، وتعزيز القدرة على الاستجابة للأزمات، وضمان تقديم الرعاية الصحيّة للفئات المتضررة وتحديدًا في مراكز الإيواء".
وأمام كل تلك الأجواء، تعتبر المصادر نفسها أنّ "العمل على تأمين مرافق صحيّة داخل مراكز الإيواء لمعالجة الحالات الطارئة وخاصةً في المناطق التي تشهد اكتظاظًا، أضف إلى استخدام العيادات الطبّية المتنقلة لتقديم الخدمات الطبّية في المناطق التي يصعب الوصول إليها، كما والتنسيق مع الجهات المعنية لتأمين الأدوية واللوازم الطبّية الضرورية وتأمين مخزون احتياطي منها لضمان تواجدها في حالات الطوارئ، جميعها تنهض بهذا القطاع الذي نحن بأمسّ الحاجة إليه في ظلّ هذه الظروف الصعبة التي تخيّم على لبنان وشعبه".
وتختم المصادر: "الأهم من ذلك، تطوير خطط الطوارئ الوطنية للتعامل مع الأزمات الصحيّة التي تنشأ في ظل الحروب قبل حدوثها، وتدريب كوادر صحيّة وممرضين للتعامل مع مثل هكذا حالات جماعية، كما والتركيز على إجراء تقييمات دورية للوضع الصحّي في مراكز الإيواء والقرى المتضررة لمتابعة التطورات واتّخاذ القرارات السريعة والخروج من الأزمة بأقلّ أضرار وخسائر".
في الخلاصة، كان من المفترض أن تكون الوزارات عامةً بأكمل جهوزيتها، وأن تكون قد وضعت خططًا استباقية لمواجهة الظروف القاسية التي تعصف بلبنان وشعبه والتي يحتمل أن تشتد أكثر مما هي عليه، وعلى وزارة الصحّة خاصةً الاستنفار إلى أقصى درجة ورفع مستوى استعداداتها لتلبية النداء، وإلّا سيُترك مصير هذا القطاع للمجهول يصارع الأزمة محاولاً الصمود، فيما يخلّف وراءه آلاف الضحايا العاجزين عن الحصول على الخدمات الصحيّة.