عبد الله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
مجموعة من النقاط وردت في مسودة وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب التي حملها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين ولم ترتق إلى تطلعات الجانب اللبناني، الذي اعتبرها تُكرِّس احتلالاً مباشرًا أو غير مباشر للبنان، وتنتقص من السيادة، وتؤدي إلى حالة شاذة. لذلك عمل على محاولة إعادة هندسة وترتيب مفردات وصياغة وإعادة هيكلة، بما يسمح بالتماهي مع الفكرة السيادية اللبنانية.
من هذه البنود، المحاولة التي رمت إلى تأجيل الانسحاب العسكري الإسرائيلي من المناطق التي دخلها داخل الحدود اللبنانية، إذ يطالب العدو، شكلاً، بأنه سوف يُقبل على الانسحاب بطريقة متدرجة في غضون 60 يوماً من تاريخ التوصل إلى تسوية، فيما كان لبنان يطرح شيئاً معاكساً، أي أن يبدأ بالانسحاب التدريجي فور التوصل إلى اتفاق، وألا تتجاوز المدة الأسبوع على أبعد تقدير.
في هذه النقطة، رمى العدو الإسرائيلي في الصيغة الأميركية التي شارك هو في صياغة الكثير من بنودها، إلى ألا يترافق الانسحاب أو يترابط مع صيغة وقف إطلاق النار، وهو ما فهم منه في الجانب اللبناني كأداة للمراوغة. أي أن العدو لا يريد أن يربط بين المسألتين، بل تجزئتهما، وهو ما فهم لبنانياً، على أن العدو يرمي إلى سلب لبنان شرعية معينة في عدم مقاتلة على الأراضي اللبنانية إن رفض الانسحاب أو تلكأ عن تنفيذ شروط الانسحاب، بحيث إن المقاومة تصبح منزوعة "الشرعية" لقتال العدو على أرضها كونه أصبح محتلاً، وهي نقطة التفت المفاوض اللبناني إليها سريعاً، واشترط أن يبدأ الانسحاب الإسرائيلي أولاً قبل الوصول إلى وقف إطلاق نار نهائي.
على هامش الاتفاق
من الواضح أن الصيغة التي قدمت إلى لبنان وقبلها، والآن ذهب هوكشتاين لطرحها على إسرائيل، بات ينظر إليها على أنها مرجعية لأي قرار وقف إطلاق نار بين لبنان والعدو، وستتحول في القريب العاجل إلى الورقة الأساس، لا القرار 1701 وأن سوف يتم وقف إطلاق النار تحت سقفه.
ببساطة، تطرح الصيغة الحالية تشكيل "لجنة مراقبة لوقف إطلاق النار"، يكون جزء من هذه اللجنة مواكبة أي تفصيل، بحيث تكون مرجعية أي حل تعود لها، بحيث لا تعود مثلًا مرجعية الأمم المتحدة أو مجلس الأمن هي الرئيسية. والصيغة الحالية بحيث قدر لها أن تتحول اتفاقاً، سوف تكون أشبه بمرجعية اتفاق ترسيم الحدود البحرية، بشكله الراهن كاتفاق ثنائي غير مباشر مبرم بين لبنان والعدو برعاية أميركية، سجل في الأمم المتحدة بطريقة معينة، لكنه لا يتمتع بحصانة صدوره عن قرار دولي أممي، كحال الاتفاق الحالي أو ما يراد له، والذي من الواضح أن مرجعيته المركزية سوف تكون أميركية.
أين أصبحت التسوية؟
من الواضح أن زيارة آموس هوكشتاين إلى تل أبيب رمت إلى الحصول على إجابات صريحة وواضحة من القيادة الإسرائيلية حول الصيغة التي حملها. وعلى ما يبدو، فإن العدو تعامل بشكلٍ مختلف مع ما كان يتعامل به في مسائل التفاوض مع حركة حماس، أي أنه لم يعلن رفضاً صريحاً وواضحاً للتسوية، إنما عبر من خلال إعلامه عن إيجابيات، لكنه قفز إلى محاولة منح نفسه مزيداً من الوقت حتى يوافق. وفي أثناء ذلك يحاول إدخال مجموعة من التعديلات، ضمن سياق قارب تخفيف التفاؤل في إمكانية الوصول إلى تسوية لكن من دون إسقاط المشروع وإبقائه حياً.
من الواضح أن الوصول إلى نتيجة معينة لن يكون ضمن مهلة أسبوع كما سوق سابقاً، بل إن الصيغة المطروحة ما زالت مرشحة للدخول في نفق التعديلات، مرة من جانب العدو ومرة من الجانب اللبناني.