لولو سليمان – خاصّ الأفضل نيوز
لملمت بعلبك "مدينة الشمس" جراحها بعد تعرضها لعدوانٍ جديد طاول مركز بعلبك الإقليمي التابع للمديرية العامة للدفاع المدني في بلدة دورس، جاءت حصيلته 14 شهيدًا، وجريح لا زال يخضع للعناية الطبية في مستشفى بعلبك الحكومي وفق ما أفادت المديرية العامة للدفاع المدني في وزارة الداخلية والبلديات.
من رفاق الدرب
تمثالٌ وتحية فوق الركام بعد أن أنهت فرق البحث والإنقاذ عمليات رفع الأنقاض في موقع الغارة، عمد زملاء عناصر الدفاع المدني الأحياء إلى رفع العلم اللبناني على ركام المركز إذ نصبوا بقربه خشبتين عاليتين مستخدمين "رينجر" أحد زملائهم الشهداء وقبعة آخر، ووقفوا يؤدّون التحية لرفاق دربهم الأبطال.
وكان رئيس بلدية بعلبك مصطفى الشل قد نعى رئيس مركز الدفاع المدني الإقليمي بلال رعد، وقال في بيان:" عرفناه مندفعًا، غيورًا، محبًّا لبعلبك وأهلها. سنفتقدك يا بلال، سنفتقد حماستك، سنفتقد تلبيتك لأيّ واجب، بغض النظر عن المخاطر. رحمك الله يا عزيزنا".
اغتيال التاريخ والحضارة
العدوان على المركز الإقليمي للدفاع المدني في بعلبك، جاء بعد مضي أسبوع على العدوان الذي سبقه على مبنى "المنشية" الأثري قرب قلعة بعلبك، إذ رُدم المبنى وتضرّرت حوله غالبية الأبنية، ومنها أوتيل بالميرا الذي أُصيب بأضرارٍ جسيمة.
ووجّه على إثره وزير الثقافة القاضي محمد المرتضى نداءً عاجلاً إلى المديرة العامة لليونيسكو لحماية " ما تبقى من مواقع تراثية في بعلبك، وحماية كامل التراث الثقافي اللبناني المعرّض اليوم لتهديدات متصاعدة"، داعيًا إلى "تدخل اليونيسكو الفاعل للحفاظ على إرث لبنان التاريخي".
والجدير بالذكر أن "المنشية" تُعرف كأيقونة المكان، وتنتمي من حيث هندستها إلى منازل بُنيت في القرن 19، حُفِر على أحد حجارتها تاريخ 1928.
قلعة بعلبك بخطر!
تمثّل "المنشية" التي تنتمي إلى عصور تاريخية عريقة، تلاقيًا حضاريًّا بين الحقبتين العثمانية والفرنسية، إذ يظهر الطابق الأرضي تُحفة من زمن الإمبراطورية العثمانية، بينما يتجلّى الطابق الثاني المطلّ على الشارع دليلاً على تأثير حقبة الانتداب الفرنسي.
إنّ لهذا البناء قيمة جمالية هامة، من حيث الشكل والمحتوى. والأهم من ذلك، أنّها معروفة لدى سكان المدينة جميعًا، فضلاً عن الزّوار الذين يعبرون من مدخل المدينة الجنوبي المعروف بـ"مدخل بالميرا"، والذي يمثّل حلقة الوصل بين حي مار جرجس والقلعة والسوق التجارية، أي القلب النابض للمدينة.
ولفت محافظ بعلبك -الهرمل بشير خضر إلى أنّ غارة المنشية هي الأقرب على قلعة بعلبك منذ بداية العدوان، حيث سقط صاروخ داخل موقف السيارات التابع للقلعة ، وأضرار كبيرة بحي المنشية الأثري.
وكشف خضر أنّ "الخطر الّذي يلحق بالقلعة لم يحدث في تاريخ لبنان" و"ننتظر انتهاء الحرب للكشف التّقني على القلعة من أجل تعقّب الأضرار الناتجة عن الغارات القريبة والتي لا يمكن ملاحظتها بالعين المجرّدة"، عِلمًا أنّ هذا الاستهداف يأتي ضمن سياق العدوان على الأماكن الأثرية والتراثية في بعلبك، إذ كانت البداية مع استهداف محيط "قبّة دورس" التاريخية تلاها استهداف محيط " حجر الحبلى" الذي يعتبر معلمًا سياحيًّا أيضًا.