نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
في وقت تتواصل فيه الاشتباكات والقصف المدفعي بين حـ.ـزب الله والعدو الإسرائيليّ، تتعدى الأضرار على الجانب اللّبناني الخسائر البشرية وتدمير الممتلكات، إذ تتعرض الأراضي الزراعية والغابات ومصادر المياه لمخاطر كبيرة، جرّاء استخدام إسرائيل قذائف الفوسفور الحارقة.
وبحسب آخر تقرير لوزارة الزراعة اللّبنانية، فإن القصف الإسرائيليّ بالقنابل الفوسفورية على جنوب لبنان أدى إلى اندلاع 584 حريقاً طال مساحة تفوق 1620 دونمًا، حيث تضرر 5200 دونم من الأراضي الزراعية والغابات، بينما استُهدفت أكثر من 63 ألف شجرة زيتون، إضافة إلى أشجار الصنوبر والسنديان، كما تم تدمير ما يزيد عن 600 متر مربع من مستودعات الأعلاف.
كانت وزارة الخارجية اللبنانية، وجهت بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، تُدين استخدام إسرائيل للفسفور الأبيض في اعتداءاتها المتكررة ضد لبنان، وقيامها عمدًا بحرق الأحراج والغابات اللّبنانية والأراضي الزراعية.
كما تعمل وزارتا الزراعة والبيئة على توثيق كافة الاعتداءات والانتهاكات الحاصلة على المساحات الزراعية والغابات على الحدود الجنوبية، لإعداد ملف كامل يوضح حجم الأضرار التي طالت هذين القطاعين، وانعكاس ذلك على عدّة قطاعات أخرى، وذلك تمهيدًا لتقديم شكوى موثّقة ضد سياسة "الأرض المحروقة" واستخدام الفوسفور التي تنتهجها إسرائيل، بحسب وصف الحكومة اللبنانية.
فكيف تُقيّم حجم الأضرار التي لحقت بالمزارعين والأراضي الزراعية في جنوب لبنان جرّاء الإعتداءات الإسرائيلية؟
من جهته، يطمئن وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن، عبر موقع "الأفضل نيوز" بأنّ التعويض عن الأضرار التي لحقت بالمزارعين والأراضي الزراعية في جنوب لبنان موجود وفق آلية معينة يتم وضعها أولاً من خلال مسح الأضرار وتخمينها، ويتم التواصل مع الهيئات المانحة التي هي مستعدة لهذا الأمر".
ومن هنا، تقول مصادر مطلعة، إنّ " الصواريخ الإسرائيلية تشكّل خطرًا كبيرًا على البيئة والزراعة في المناطق المستهدفة، وتأثيرات هذه الصواريخ تتجاوز الأضرار المباشرة للبنية التحتية والممتلكات، لتطال البيئة الطبيعية والأنظمة البيئية بشكل عميق".
فيما يخص المخاطر التي تشكلها الصواريخ الإسرائيلية على البيئة والزراعة، تشرح المصادر أنّ "التلوث البيئي يأتي بالدرجة الأولى، من حيث التلوث الهوائي، فالإنفجارات الناتجة عن الصواريخ تطلق كميات ضخمة من الغازات السامة، مما يساهم في تلوث الهواء، وأيضًا من حيث التلوث بالمركبات الكيميائية، إذ يمكن أن تحتوي بعض الصواريخ على مواد كيميائية أو سموم قد تلوث التربة والمياه".
وتتابع: "إنَّ تدمير الأراضي والمعدات الزراعية هي هدف مرجو أيضًا، فالصواريخ الإسرائيلية غالبًا ما تستهدف المناطق الزراعية، مما يؤدي إلى تدمير الحقول الزراعية والمحاصيل الغذائية التي يعتمد عليها السكان المحليون، كل ذلك إلى جانب تدمير المعدات المستخدمة في الزراعة مثل الآلات والمحركات والريّ، ما يؤثر على قدرة الفلّاحين على استئناف الإنتاج الزراعي في المستقبل".
وفي السياق عينه، ترى المصادر أنّ الصواريخ تتسبب في تشقق سطح الأرض أو تدمير التربة بالكامل، ما يؤدي إلى تدهور خصوبتها وتهدّد دورة الحياة البيئية في تلك المناطق".
فالهجمات الجوية على محطات المياه أو شبكات الري يمكن أن تؤدي إلى تدمير مصادر المياه المحلية الضرورية للري الزراعي، والمياه الملوثة قد تؤثر بشكل مباشر على الزراعة، حيث تزداد الأمراض النباتية وتتدهور المحاصيل، كما تشرح المصادر تداعيات وتأثيرات الصواريخ على مصادر المياه".
ولم تنفِ المصادر نفسها أنّ " الحروب تؤدي إلى تدمير الموارد الطبيعية للكثير من الكائنات الحية، سواء أكانت حيوانات أو نباتات، وبالتالي تنخفض أعدادها أو تختفي من مناطق معينة، مما يسبب خللًا في النظام البيئي المحلي، وبالتالي، يعاني الفلاحون في المناطق المتضررة من الخوف المستمر للمزيد من الإعتداءات، مما يؤدي إلى تدهور صحة المجتمع النفسية وتأثير ذلك على الإنتاج الزراعي".
وللحدّ من هذه التأثيرات السلبية، توضح المصادر أنّه "يجب تفعيل الجهود المستقبلية من خلال إعادة تأهيل الأراضي الزراعية المتضررة من الهجمات، بما في ذلك إصلاح التربة، وتنظيف المياه الملوثة، وإعادة غرس المحاصيل، إلى جانب التعاون الدولي لمساعدة المجتمعات الزراعية على التعافي من الأضرار البيئية التي خلفتها الصواريخ، وأن يشمل هذا التعاون تقنيات زراعية مستدامة وبرامج دعم لإعادة بناء الهياكل الزراعية".
في المحصلة، تشكّل الصواريخ الإسرائيلية تهديدًا كبيرًا للبيئة والزراعة في المناطق المتضررة، وتستدعي الاستجابة من خلال سياسات حماية بيئية وبرامج دعم اجتماعي لمساعدة السكان المتضررين على استعادة استدامتهم البيئية والزراعية، لأنّ الأزمة الكبرى تقع في غياب أي شكل من أشكال الحوكمة الرشيدة.