عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
بينما يتصاعد العدوان الإسرائيليّ على لبنان مستهدفًا الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وبيروت، وبينما تخوض المقاومة معارك شرسة مع العدو الإسرائيليِّ على المحاور البرية في ملحمة بطولية، لم يكن هناك ما يشغل بال البعض سوى مسألة تولي الرئيس نبيه بري التفاوض مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين على وقف إطلاق النار، بالتنسيق مع الرئيس نجيب ميقاتي.
وقد ارتفعت أصوات من صفوف المعارضة تعتبر أن "ما يحصل هو مخالف للدستور الذي أناط صلاحية التفاوض برئيس الجمهورية أو بمجلس الوزراء مجتمعًا إذا غاب الرئيس"، داعية إلى إشراك القوى السياسية الأخرى في العملية التفاوضية من خلال ممثليها في الحكومة ومجلس النواب، على قاعدة أن هذه مسؤولية مشتركة لا يجوز حصرها في جهة واحدة تختزل القرار السياسي وتحدد لوحدها ما هو المقبول والمرفوض في مسودة المشروع الأميركي لوقف إطلاق النار.
لكن، وفي المقابل، تلفت أوساط سياسية إلى أن الأصوات الاعتراضية التي ارتفعت في هذا التوقيت احتجاجًا على اختصار التفاوض ببري، إنما هي تندرج في إطار التشويش الذي لا يتناسب مع تحديات المرحلة التي تفترض تحصين موقع المفاوض اللبناني في مواجهة شروط تل أبيب، وليس "المشاغبة" عليه فيما هو يخوض واحدة من أصعب المعارك الدبلوماسية..
وتعتبر الأوساط أن شكوى البعض في الداخل من تغييب المؤسسات الدستورية عن المفاوضات مع هوكشتاين ليست في محلها لأسباب عدة من بينها:
_ أن للضرورة أحكامها ومقتضياتها، وبالتالي الأولوية الوحيدة في هذه المرحلة يجب أن تكون لإنهاء العدوان الإسرائيليّ على لبنان وتفادي الانزلاق إلى فتح "جبهات" داخلية جانبية على حساب الهدف المركزي.
_ أن المواجهة العسكرية على الأرض تدور بين العدو الإسرائيليّ وحزب الله، ولذا من الطبيعي أن يجري التفاوض غير المباشر على وقف إطلاق النار بين هذين الطرفين تحديدًا.
_ أن الأميركي ينوب عن العدو في هذا التفاوض، بينما بري هو المفوض من الطرف الآخر في الحرب أي حزب الله الذي يوليه ثقة كاملة، إضافة إلى أن بري هو أصلاً شريك في المواجهة من موقعه السياسي و"الحركي" الأمر الذي من شأنه أن يعزز تلقائيًّا دوره التفاوضي.
_ أن بري هو صاحب الخبرة الأكبر في مجال التفاوض مع الأميركيين، خصوصًا بعد تجربة عام 2006 التي أفضت إلى ولادة القرار 1701، ومن الطبيعي أن يكون المحور الأساسي في المفاوضات الحالية.
_ أن بري حريص، مع استمرار غياب رئيس الجمهورية، على تنسيق الموقف مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، ولو كان هناك رئيس منتخب لتوجب أن يكون شريكًا في اتخاذ القرار.
_ أن المعروف عن الجانب الأميركي أنه واقعي وبراغماتي وهو معني بأن يفاوض صاحب القرار المباشر في الميدان متمثلًا في الثنائي الشيعي، وهذا ما يفسر أنه كان يحصر معظم لقاءاته ببري إلى جانب ميقاتي، قبل أن يوسّع بيكار زيارته الأخيرة لتشمل بعض القوى السياسية من باب "مراعاة الخواطر" بعدما اشتكت من تهميشها.
_ أن التفاوض الحالي يتم بالنسبة إلى لبنان انطلاقًا من قرار موجود هو الـ1701 الذي يدعو رئيسَي المجلس النيابي والحكومة إلى تنفيذه بحذافيره وبالتالي ليس مطروحًا إدخالُ تعديلات على متنه أو إصدار قرار جديد حتى تكون هناك مشاركة إلزامية من الأطر الدستورية في التفاوض.
_ أن المتذمرين من سلوك بري والحريصين على دور رئيس الجمهورية في التفاوض يجب عليهم تسهيل انتخابه عبر المبادرة إلى التفاهم مع المكونات الأخرى على اسم مقبول بدل الاستمرار في رفض التوافق.