مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
مع كلّ أزمةٍ يمرّ بها لبنان، تُحاول شركات التحويلات النقدية برهنة أنّها المُنقذ الأول للبلد، والعمود الفقري للاقتصاد اللبناني، بدءًا من الأزمة المالية، مرورًا بتفجير مرفأ بيروت وصولًا إلى الحرب التي شنّها العدوان الإسرائيلي على لبنان، وما نتج عنها من أضرارًا مادية وبشرية تفوق كلّ التوقعات.
ومع تفاقم حدّية الحرب، ارتفعت نسب التحويلات المالية من قبل المغتربيين اللبنانيين تحديدًا، لتصل إلى 11% مقارنةً بمعدل عام عالمي عند 6%، سيّما للذين فقدوا بيوتهم وأرزاقهم ووظائفهم. ممّا يؤدّي إلى ضخّ سيولة نقدية في السّوق المحلّي لمواجهة التحديّات الراهنة.
وفي السنوات الماضية، ارتفع حجم التحويلات المالية للمغتربين إلى لبنان من 6.2 مليارات دولار عام 2020 إلى 6.6 مليارات دولار عام 2021، و6.44 مليارات دولار عام 2022، وصولًا إلى 6 مليارات دولار عام 2023 وفق تقديرات البنك الدولي الذي أشار إلى أنّ لبنان احتلّ المركز الأوّل في المنطقة والمرتبة الثالثة عالميًا من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلّي الإجمالي، والتي بلغت 30.7% عام 2023 مقارنة بـ 35.7% عام 2022.
الأموال النقدية تُنعش الدورة الاقتصادية
جميعنا يعلم أنّ الحكومة اللبنانية عاجزة عن تخطّي هذه الحالة الصعبة وحدها، وبالتالي هي غير قادرة على مواجهة الأضرار المادّية وما خلّفته الحرب منذ الشهرين تقريبًا.
لذلك، ومن المؤكد أنّها بحاجة إلى دعم مادي أجنبي يُعيد الأمور إلى مجاريها في حال انتهت الحرب في الوقت العاجل.
ولكن ماذا لو استمرّت الحرب لأشهرٍ بعد؟ من سيعوّض هذه الأضرار الجسيمة؟
حتّى الساعة، تحاول شركات التحويل بالمضي قُدمًا لتحقيق الاستقرار المالي والإقتصادي.
لذلك، فقد شهدت ارتفاعًا في نسبة التحويلات المالية من الخارج عبر شركات تحويل الأموال بنسبة 20%، وفقًا لمدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر.
وبحسب معطيات موقع "الأفضل نيوز"، أكّدت شركات التحويل أنّ أرقام التحويلات ازدادت بنسبٍ كبيرةٍ بالنسبة للأيام الأولى من الحرب.
وفي حديثه لموقع "الأفصل نيوز"، يقول أحد مدراء مكتب الـOMT في منطقة جونية، إنّ التحويلات المادية ازدادت بنسبة 80% منذ اندلاع الحرب حتّى الساعة. مؤكّدًا أنّ المغترب اللبناني هو أول من ساهم في إعادة بناء هذا القطاع.
خسائر مادّية تفوق 8.5 مليار دولار
أصدر البنك الدولي تقريرًا جديدًا، يُبيّن من خلاله أثر الحرب على اقتصاد لبنان، ليعلن لاحقًا أنّ تكلفة الأضرار المادية بلغت نحو 8.5 مليارات دولار أميركي.
وخلص التقييم الأوّلي إلى أنّ الأضرار المادية وحدها بلغت 3.4 مليارات دولار أميركي وأن الخسائر الاقتصادية بلغت 5.1 مليارات دولار.
ووفق التقرير، فإنّ قطاع الإسكان هو الأكثر تضرّرًا، بحيث تضرّر نحو 100 ألف وحدة سكنية جزئيًا أو كليًا، وبلغت الأضرار والخسائر في القطاع 3.2 مليارات دولار. وبلغت الاضطرابات في قطاع التجارة نحو ملياري دولار أميركي، مدفوعة جزئيًا بنزوح الموظفين وأصحاب الأعمال. وأدّى تدمير المحاصيل والماشية وتشريد المزارعين إلى خسائر وأضرار في قطاع الزراعة بلغت حوالى 1.2 مليار دولار أميركي.
ماذا لو انتهت الحرب؟
الجميع يعلم أنّ الحرب ستنتهي، ولو استمرت لشهرٍ أو شهرين أو حتّى عام ما من حالةٍ ستدوم.
ولكن، كلّما طالت الحرب، كلّما نتج عنها أضرار مادّية، أوقعت البلاد في الهاوية. شركات التحويلات المادّية لم تعد قادرة على سدّ هذه الفجوة لوقتٍ أطول، على الأقل لأربع أشهر في حدّها الأقصى، بحسب مصادر مطّلعة للموقع، والمغتربون وضعهم ليس بأفضل حالٍ لمساعدتنا على الأمد الطويل.
هذا يعني أنّه من الأفضل وقف إطلاق النار في الوقت العاجل وانتخاب رئيسٍ للجمهورية لحلحلة الأوضاع المادية والأمنية للبلاد، لنستعيد استقرارنا المادي والأمني والسياسي.