هنادي عيسى - خاص الأفضل نيوز
داخل قرية paimpont (شمال غرب فرنسا) تدعو إدارة البلدة وسائل الإعلام لتغطية استعداداتها لاستقبال أسرة لاجئة من أوكرانيا، قبل أن تحدث المفاجأة بوصول أسرة سورية لتتبدل الملامح وتتضح معها ازدواجية المعايير المتعلقة بإشكالية اللجوء.. هذا ما تناولته أحداث فيلم "البرابرة les barbares" للمخرجة جولي دلبي، الذي يُبرز أشكال التطرف في فرنسا.
بطلة الفيلم اللبنانية ريتا حايك، التي تجسّد شخصية طبيبة سورية بُترت قدمها جراء تمادي العنف في سوريا، فاضطرت للهجرة وأسرتها إلى فرنسا لتصطدم هناك بالواقع، تحدثت لموقع "الأفضل نيوز " عن تجربتها، والتحديات التي واجهتها، وكواليس التصوير في فرنسا، وأهمية السينما في دعم القضايا الإنسانية وتسليط الضوء عليها، مؤكدة أن هناك عوامل عدة شكّلت دافعًا لخوض التجربة التي كان أهمها أنه تأليف وإخراج العالمية جولي دلبي.
تقول ريتا حايك: "أتابع أعمال هذه المخرجة والكاتبة منذ فترة وأقدّر أعمالها وكان مجرد العمل معها أحد أحلامي، إضافة إلى أهمية ما يطرحه العمل من قضايا إنسانية وضرورة تقبل الآخر بشكل عام، كما أنها أول تجربة فرنسية لي، وكانت ممتعة وثرية".
تؤمن "ريتا" بأهمية دور السينما في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية، وهو ما تقول عنه: "طريقتنا الوحيدة للتعبير عن وجعنا وصرختنا كفنانين ومخرجين ومؤلفين هي السينما، فمن خلالها تصل أفكارنا ونقاوم، خصوصًا في ظل الحرب التي نعيشها في لبنان والإبادة الجماعية التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني، لذا نستخدم الفن كأداة توعية في الحروب". حرصت الممثلة اللبنانية على تجسيد الدور بشكل واقعي يعبّر عن حجم المعاناة التي تعرّضت لها الأسرة السورية مع الغرب، لذا تطلّب منها الأمر معايشة الشخصية والتوحد معها، وهو ما جعلها تواجه تحديات للوصول إلى الشكل الأنسب، إذ تقول: "تطلبت شخصية "ألمى" مجهودًا كبيرًا لتجسيدها بالشكل المناسب، وتمثّل التحدي في ارتداء "طرف صناعي"، خصوصًا أن ما أخبرني به المتخصص الذي ساعدني في ارتداء القدم الصناعية أنه للمرة الأولى يضعها على بشري لم يفقد ساقه، وتم ذلك بمادة تدعى "الجفصين"، لتبدو وكأنها مبتورة، وهو ما كان يؤلمني كثيرًا نظرًا لأنني كنت ارتدي الطرف الصناعي خارج التصوير حتى أعتاد السير بها والتعامل معها كأنها جزء من جسدي".
تضيف ريتا: "شخصية "ألمى" تحمل قصة تراجيدية، بعد تعرّضها لحادث أليم جراء "انفجار مستشفى بسوريا"، ينتج عنه وفاة زوجها وإصابتها بعاهة مستديمة، وهذه المعاناة تتلخص في اسمها الذي يعبر عن حجم معاناتها وألمها الدائم، لذا تعلّمت منها الصبر والمثابرة وسعيها لحياة أفضل رغم كل الصعوبات والتحديات التي تواجهها، والحقيقة أنني تأثرت بها للغاية، كما أنني ممتنة بإعطائي هذه الفرصة حتى أعبر عن معاناة المرأة السورية والشعب السوري بشكل عام".
توضح بطلة الفيلم أن المشهد الأخير أيضًا في العمل كان الأصعب وهو "master scene " في الأحداث، بعد أن يجتمع شخصيات العمل على شاطئ النهر بالضيعة، إذ تقول: "في هذا المشهد تبدأ "ألمى"، بالتعبير عما بداخلها، وكان الأمر صعبًا بالنسبة لي لأنني صورته في أولى أيام التصوير وكنت أريد إثبات موهبتي وقدرتي في التمكن من أداء الشخصية أمام فريق العمل الفرنسي".
تشير "ريتا" إلى أن تجربة المشاركة في السينما الأوروبية يعد أمرًا جيدًا للغاية، ويضع الفنان على طريق الاحتكاك بالصناعة في الدول الأوروبية وهوليوود، إذ تقول: "دائمًا ما كانت السينما الأوربية حلمًا بالنسبة لي للتعرّف على جنسيات وألوان مختلفة وإيصال صوتنا كعرب في العالم الغربي، والحقيقة أنني أردت من خلال هذه التجربة محو الأحكام المسبقة عندما يتعلق الأمر بامرأة وافدة من الشرق الأوسط، فشعرت بالفخر وأنا أتحدث بأربع لغات، مع الفرنسيين بالفرنسية، والإسبان بالإسبانية، ومع المخرجة بالإنجليزية والفرنسية، إضافة إلى تعلمي للهجة السورية حتى أجسد الدور، لذا قدمت لهم صورة إلمام المرأة العربية بالتاريخ والثقافة".
وتابعت: "الحقيقة أنني تعلمت الكثير من هذه التجربة خصوصًا المخرجة الفرنسية جولي دلبي، فهي رائعة على المستوى الإنساني، ومهمومة بالقضايا الإنسانية، أما على المستوى الفني فهي لا توصف سواء في احترافيتها أو مهنيتها لذا أحببتها كثيرًا، ونشأت بيننا علاقة صداقة قوية، وهذا ما ظهر على الشاشة في أدائي.