خليل حرب - خاصّ الأفضل نيوز
لعله الهزال العربي مجددًا، أو سوء الحسابات، أو التهاون. يتمدد الإسرائيلي في الجنوب السوري، ويطلق وعودا ويحرض مكونات المنطقة الجديدة المحتلة على الالتجاء إليه لحمياتهم. ويتمدد التركي في الوقت نفسه في أنحاء سوريا، ويحتسي وزير الخارجية حقان فيدان ورئيس الاستخبارات ابراهيم كالين القهوة على قمة قاسيون.
إنها ليست مجرد صورة جديدة لحال المنطقة. مبدأ "اللهم نفسي" هذا لم يجر سوى الويلات على الأمة العربية، يوما بعد آخر، وسنة تلو سنة. في القاهرة وعمان وأبوظبي والرياض وبغداد، تحديدا هناك من يجلس متوجسا. لم تعد الأحداث تقبل التأويلات المبهمة والانعزالية. فرض الأتراك والإسرائيليون، كل على طريقته، نفوذًا سياسيًا وجغرافيًا وعسكريًا واقتصاديًا، بين ليلة وضحاها في "قلب العروبة النابض"، سوريا، وبمستوى لم يكن من الممكن تصوره حتى قبل أيام قليلة مضت.
صحيح أن العواصم العربية ال5 صار لديها علاقات جيدة عموما مع تركيا-اردوغان، لكن هذا شي، والتسليم باتساع سطوته الإقليمية، واحتمال تمددها في كل الاتجاهات الجغرافية، شيء آخر. أما اسرائيل-نتنياهو، فمَن من هذه العواصم سيقنعها الآن بجدوى "السلام" وقد انجرفت بسياستها الإقليمية الى آخر حدود البطش والدم وتعميم الخراب يمنة وشمالا؟ من من هذه العواصم سيقنعها بخيار "الدولة الفلسطينية" المشروعة وهي تضيف الى "أراضي كيانها" أراض تتخطى مساحة غزة نفسها؟ وتشرد مليوني فلسطيني منذ 15 شهرًا، ولا يردعها رادع ولا حتى حسن علاقات تجمعها مع بعض هذه العواصم؟
ومع ذلك، لدى إسرائيل الجرأة لكي تتوقع من واشنطن اغتنام الفرصة المتاحة لإقناع السلطة السورية الجديدة بزعامة الشرع/الجولاني بالاعتراف بإسرائيل وتوقيع اتفاقية سلام معها.
بموازاة ذلك، فإن من بين آخر الأخبار الواردة من أنقرة، أن مشهد جلسة قاسيون بين الوزيرين فيدان وكالين، لم تكن كافية. يعتزم ادروغان الذي كان يتوعد الزعماء العرب ويحاضر بهم ويذكرهم بالموت قبل عقد من الزمان، زيارة دمشق قريبا لتحقيق "حلمه" القديم، بالصلاة في المسجد الأموي.
وبينما يجري تفكيك الجيش، وتشكيل جيش جديد مؤلف من الفصائل المسلحة التي دعمتها تركيا، ويتولى المناصب الحكومة والمحافظات والإدارات رجالات من صفوفها، بما يرسخ دور تركيا في "سوريا الجديدة"، من دون إيلاء أهمية كافية لحماية الناس والمناطق والأقليات، فإن الصلاة الأردوغانية المستعجلة في الجامع الأموي، تبدو في غير أوانها، ولن ينظر إليها سوى على أنها نكء للجراح السورية... والعربية لا أكثر.