كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
انتُخب بعد اتفاق الطّائف، رئيسان مدنيَّيان لرئاسة الجمهوريَّة، الأوَّل رينيه معوض في تشرين الثاني ١٩٨٩، لكنه اغتيل في ذكرى الاستقلال في ٢٢ من الشَّهر نفسه، وخلفه الرَّئيس الياس الهراوي في جلسة انتخاب في شتورا في اليوم الثاني لاستشهاد معوض، وبعد ٦ سنوات من عهده، جرى التَّمديد للهراوي لمدَّة ثلاث سنوات في تشرين الثَّاني ١٩٩٥، وهو الثَّاني يحصل لرئيس الجمهوريّة، بعد أوَّل رئيس بعد الاستقلال بشارة الخوري، لكنَّه لم يكمل ولايته الممدَّدة، واستقال تحت ضغط ثورة شعبيّة، قادتها "الجبهة الاشتراكيّة الوطنيّة" التي كان من أبرز قادتها كميل شمعون وكمال جنبلاط، في أيلول من العام ١٩٥٢.
ومع انتهاء ولاية الرَّئيس الهراوي في تشرين الثاني ١٩٩٨، انتخب قائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود رئيسًا للجمهوريّة، وكان خيار الرَّئيس السُّوري الرَّاحل حافظ الأسد، الذي رأى فيه سندًا للمقاومة، ورفض صدام الجيش معها، عندما طلب منه مجلس الوزراء برئاسة رفيق الحريري في أيلول ١٩٩٣.
وبعد ٩ سنوات من رئاسة لحود، التي مدّد له ثلاث سنوات في أيلول ٢٠٠٤، انتخب بعده قائد الجيش العماد ميشال سليمان سليمان، وكان في الخدمة العسكريّة كما لحود، رئيسًا للجمهوريّة بعد أحداث ٧ أيار ٢٠٠٨، وقبلها معارك مخيم نهر البارد ضدَّ "فتح الإسلام"، فتوافق النّواب في مؤتمر الدوحة الذي عقد إثر الأحداث، على انتخاب العماد سليمان، الذي لم يمدّد له، وكان موعودًا بذلك من قبل السعودية، وبعد اندلاعِ أحداث سوريا في آذار ٢٠١٠، فوقف سليمان ضدَّ النِّظام السُّوري، وتحدَّث عن "خطاب خشبي" لمقولة "الجيش والشَّعب والمقاومةِ"، لكنه لم يتمكّن من الحصول على التَّمديد، فانتهى عهده في أيار ٢٠١٤، لتبقى الرِّئاسة الأولى في شغور حتّى ٣١ تشرين الأول ٢٠١٦، عندما انتخب قائد الجيش الأسبق ميشال عون رئيسًا للجمهورية، بعد انتظار دام ١٦ سنة، تخلَّل هذه الفترة، تمرُّد عسكريٌّ لـ "عون" في القصر الجمهوري، وعدم تسهيل انتخاب رئيس للجمهوريّة، ورفض اتفاق الطَّائف، وخوض حربين أسماهما "التّحرير" ضدَّ الجيش السُّوري، و"الإلغاء" ضدَّ "القوَّات اللّبنانيةِ"، وعاد في العام ٢٠٠٥، ليعقد تفاهمًا مع "حزبِ اللّه" في كنيسة مار مخايل في شباط ٢٠٠٦، مهّد له الطَّريق للوصول إلى رئاسة الجمهوريّة، فلم تتأمّن له الظُّروف في عام ٢٠٠٨، فحصل عليها عام ٢٠١٦، فلم يسلّم خلفًا له، فوقع لبنان في شغور رئاسي دام نحو ٢٧ شهرًا، ليتم انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية في ٩ كانون الثاني الحالي، ليصبح الرئيس الرابع القادم من قيادة الجيش، وبالتَّوالي، والخامس في رئاسة الجمهورية التي وصلها أوّل قائد جيش في العام ١٩٥٨، وإثر اتفاق أميركي - مصري، أعقب ما سُمِّي "ثورة شعبيّة" اندلعت ضدَّ عهد شمعون الذي كان يرغب بالتّمديد له، بعد أن انضم إلى "مشروع إيزنهاور" المُعادي للشيوعية، والتحق بـ "حلف بغداد"، لكن الإدارة الأميركية آنذاك تراجعت عن التمديد لشمعون، وأيدت وصول اللواء فؤاد شهاب إلى رئاسة الجمهورية.
وبات منذ وصول شهاب إلى رئاسة الجمهوريّة، يطمح كلُّ قائد جيش بأن ينتخب له، وصودف أنه ينتمي إلى الطائفة المارونية، التي يأتي رئيس الجمهورية منها عُرفًا وليس دستورًا، فجرى التَّداول منذ الستينات بأسماء قادة جيش إلى رئاسة الجمهورية، من إميل البستاني، إلى عبد العزيز شهاب وفيكتور خوري وجان قهوجي، وصولًا إلى جوزاف عون، الذي حصل توافق أميركي - سعودي عليه وتأييد فرنسي، فوصلت كلمة السِّر إلى النّواب في الربع الأخير من آخر ساعة، بعد أن كان التَّركيز على أسماء مدنية كاستمرار سليمان فرنجية بالتَّرشيح وجهاد أزعور وزياد بارود وناصيف حتّي وغيرهم...
فاختيار قائد الجيش تمَّ لأنه من خارج الطبقة السياسية الحاكمة المتّهمة بالفساد وعدم الإصلاح من دول مؤثرة في لبنان، فحضر اسم العماد عون، كحلٍّ لأزمة رئاسة الجمهورية، التي لم تتمكّن الكتل النِّيابيّة من إيصال مرشَّحها، ولا التّوافق على مرشّح، فظهر قائد الجيش كحلٍّ، فسار به ٩٩ نائبًا، واعترض عليه متمسّكون بالدستور، لأنه يحتاج إلى تعديل المادة ٤٩ ولم يحصل، وبذلك يكون قائد الجيش مرشَّحًا دائمًا للرّئاسة الأولى.