كريستال النوار- خاصّ الأفضل نيوز
ربيعُ لبنان سبقَ الرّبيع الذي نعرفه والذي يحلّ سنويًّا مع تغيّر فصول السّنة. هذه المرّة تحقّقت المُعجزة التي طال انتظارُها، وكم أنّنا محظوظون لنشهد كلّ هذه التغيّرات التي تبعث الأمل في نفوسِنا والوعد بغدٍ مشرق ومُستقبلٍ أفضل، تماماً كما حلمنا به وربّما أكثر...
اللبنانيّون لم يستوعبوا بعد كلّ ما يحصل، وإذ بنا نستيقظ مع رئيس جمهوريّة يُهلّل له الجميع، ورئيس حكومة مكلّف على قدر تطلّعات الشّعب. يُفسّر الكاتب السياسي يوسف دياب كلّ هذه التحوّلات المُفاجئة، قائلاً في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز": "التغيّرات المُتسارعة في الشّرق الأوسط ولبنان تأتي ضمن المتغيّرات التي تحصل على مستوى المنطقة، فمن الواضح أنّ الإدارة الأميركيّة أخذت على عاتقها ترتيب ملفّات المنطقة في ما يُسمّى الشرق الأوسط الجديد، ليس جغرافيًّا إنّما سياسيًّا". ويوضح: "إضعاف حماس في غزة وحزب الله في لبنان، الإطاحة بنظام بشار الأسد، وتراجع النّفوذ الإيراني إلى حدّ كبير.. كلّ ذلك يتعلّق بالشرق الأوسط الجديد الذي يُحكى عنه ولبنان جزء منه بسبب المتغيّرات التي نجمت عن الحرب وحرب الإسناد التي حصلت وأوصلت البلد إلى ما وصل إليه".
ماذا عن الانعكاسات على لبنان؟ يرى دياب "أنّنا نشهد ترتيباً للمنطقة من جديد، ولبنان جزء منه، وبدأنا نلمس هذا الأمر في السياسة. وقد تكون لذلك انعكاساتٌ جيّدة على لبنان من خلال الانفراجات التي تحقّقت بانتخاب رئيس جديد للجمهورية بالإضافة إلى تطوّرات الملفّ الحكومي، ونأمل أن يتلقّف لبنان هذه الفرصة وأن يستفيد منها، لا أن يستثمر سلبيًّا فيها ونضيّع الفرص مرّة أخرى. ولكن أعتقد أنّنا في مرحلة أفضل إن شاء الله".
إذاً الصّورة واعدة، كما يقول دياب، لافتاً إلى أنّ ذلك يتجلّى بوضوح بانتخاب رئيس جمهورية جديد "لديه أحلام كبيرة تُحاكي أحلام اللبنانيين، خصوصاً أنّ خطاب القَسَم يفوق ما يتوق إليه المواطنون، كما أنّ كلام رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام يتقاطع مع ما قاله رئيس الجمهورية جوزاف عون". ويُتابع: "نأمل أنّنا بدأنا نشهد مرحلة جديدة من الانفراج الذي يؤسّس لعمليّة بناء الدولة، ولأن تضع الدولة يدها على كلّ القرارات لا أن يكون هناك فريق يستأثر بقراراتها".
ويُشدّد على أنّ كلّ هذا التغيير يشي بـ"أنّنا سنبدأ مرحلة بناء المؤسّسات على كلّ الصّعد وبكلّ المقاييس مع مواكبة ودعم عربي ودولي غير مسبوق، وأعتقد أنّ ربيع لبنان بدأ اعتباراً من 9 كانون الثاني مع انتخاب الرئيس جوزاف عون لتولّي رئاسة الجمهوريّة".
أمّا عن رمزيّة وصول الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام في هذا الوقت تحديداً، فيقول دياب: "شخصيتان ما كان حدا بلبنان بيطمح إنّو ممكن يوصلو بوقت واحد إلى الحكم"، معتبراً أنّ "الحكومة العتيدة ستأتي مشابهة لهما، أي حكومة إصلاح وإعمار وبناء وإنقاذ للبلد، بعد كلّ السنوات الصّعبة التي مررنا بها، وهي تبني مستقبلاً واعداً للأجيال الجديدة، والأهمّ أنّها ستُعيد لبنان إلى حاضنته العربية وإلى دوره على مستوى العالم. فلبنان رياديّ بكفاءاته وشبابه ونخبه، وواجب أن يستفيد لبنان من هذه الطّاقات في المرحلة المُقبلة، طالما أنّ هناك على رأس الدولة مَن يعرفُ قيمة الشباب اللبناني ويُمكن أن يستثمر في هذه الطّاقات في البلد، بدل أن تكون مفتوحة على أبواب الهجرة لتستفيد منها الدول الخارجيّة".
اقتصاديًّا، يُشير دياب إلى "أنّنا أمام حلمٍ واعد ونشهد ولادة لبنان الجديد، وبالتالي نحن أمام مرحلة سياسيّة وأمنيّة جديدة، و"تحصيل حاصل" أنّنا سنكون أمام اقتصاد لبناني واعد خصوصاً في موضوع الإعمار الذي سيأتي إلى لبنان بأموال كبيرة، وموضوع بناء الدولة وهيكلة المصارف وفتح باب الاستثمارات وعودة السياح العرب والأجانب إلى لبنان... هذه ستكون نقطة التحوّل في ما خصّ الاقتصاد اللبناني ونموّه".
رغم كلّ التحديات، يبقى الأمل هو النّور الذي يُضيء دروب اللبنانيّين. هذا الشّعب الذي لم يستسلم يوماً وحوّلَ الموتَ إلى حياة.. يستحقّ اليوم أن يعيش أيّاماً تليق به.