محمد علوش - خاصّ الأفضل نيوز
عندما بدأ رئيس الحكومة المكلف عمله على التشكيلة الحكومية فضّل البدء بحلّ ما كان يعتبره أزمة كبيرة تتعلق بالتمثيل الشيعي، وترك العقبات التي كان يراها بسيطة إلى مرحلة لاحقة، وهو ما كان يقوم رؤساء حكومات مكلفون سابقون بعكسه، ويبدو أن نواف سلام وصل إلى نفس قناعة من سبقوه، وهو أن التركيبة يجب أن تنطلق من الأسهل إلى الأصعب لا العكس.
يجد الرئيس المكلف نفسه اليوم مكبلاً بالتصريحات العلنية لأكثر من طرف ينوون التصويت بـ لا ثقة للحكومة المنتظرة، ولكن بحسب مصادر سياسية متابعة فإن أكثر ما يتهدد التشكيلة الحكومية هو "الموقف الأميركي" الذي لم يتضح بعد ما إذا كان ضد مشاركة الثنائي أو لا.
تكشف المصادر أن لا موقف رسمياً أميركياً وصل إلى مسامع الرئيس المكلف أو رئيس الجمهورية جوزيف عون بخصوص مشاركة الثنائي الشيعي بالحكومة أو حصولهم على وزارة المال للنائب السابق ياسين جابر، مشيرة إلى أنه بالمقابل وصل إلى مسامع الرئيسين تسريبات تتحدث عن موقف أميركي سلبي من خطوة المشاركة الشيعية، وكل هذه التسريبات كانت من خلال إما تصريحات سياسية لشخصيات وإما تسريبات إعلامية عبر وسائل الإعلام.
في لبنان هناك من هو مقتنع بهذا الجو الأميركي، وبات يصرح علانية عن رفضه لمشاركة حزب الله بالحكومة ما لم يُعلن صراحة نيته تسليم سلاحه وانتقاله إلى العمل السياسي حصراً، كما رفضه لإعطاء وزارة المال إلى وزير يسميه الثنائي الشيعي أو رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لذلك وبحسب المصادر فإن نصيحة عربية وصلت إلى لبنان من خلال زيارة وزير الخارجية المصري إلى بيروت مفادها ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة قبل انتهاء لقاء رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب وبدء ظهور مفاعيل اللقاء.
ما تتخوف منه المصادر هو أن ترتفع وتيرة التسريبات التي تتحدث عن الموقف الأميركي، خصوصاً في ظل ما يُحكى عن امتعاض عربي ودولي من مسار تشكيل الحكومة وتأخير انطلاقة العهد بحيث بدأ يفقد الزخم الذي وصل من خلاله، وبالتالي استمرار التعطيل إلى حين استشكاف الموقف الأميركي للإدارة الجديدة من مشاركة حزب الله في الحكومة والعمل السياسي، ما يعني بحسب المصادر انتظار زيارة المبعوثة الأميركية الجديدة مورغان أورتاغوس إلى بيروت للوقوف على رأي إدارتها، علماً أنه حتى اللحظة لم يصدر عن دوائر القرار الأميركي أي تفصيل بخصوص الموعد المحدد.
هناك امتعاض مسيحي من أداء الرئيس المكلف كما هناك امتعاض سنّي، وبالتالي لا يوجد اتفاق على التشكيلة سوى مع الشيعة والدروز، وهنا تتفاوت القراءات بخصوص الأسباب الحقيقية للاعتراض، ففي حين يبدو واضحاً أن موقف التيار الوطني الحر يتعلق بحجم ما يُقدم له، بحيث يشعر أن سلام لا يريد مشاركته في الحكومة لضرب أي قدرة للثنائي بالحصول على حلف من ثلث الوزراء، يبدو ضبابياً موقف القوات اللبنانية التي تقول بتصريحاتها أن اعتراضها أبعد من حصص وكيفية تقسيم، وهي تذهب للنقاش في برنامج عمل الحكومة التي تريده أن يكون معنوناً بمسألة نزع السلاح.
هذه العراقيل الإضافية التي تُخلق بوجه التشكيلة الحكومية وتصعب ولادتها قد تتطور مع مرور الوقت، وعندها من غير المستبعد انتظار كلمة السر الأميركية.