عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
صار واضحًا أن قضية حظر هبوط طائرة ماهان الإيرانية في مطار الشهيد رفيق الحريري ليست مسألة عابرة أو موضعية، بل هي تعكس قرارًا سياسيًا على أعلى المستويات بتعديل نمط التعاطي الرسمي مع رحلات الطيران الإيراني الى لبنان لأسباب تبدو مبررة للبعض وغير مقنعة بالنسبة إلى البعض الآخر.
ويستند موقف رئاستَي الجمهورية والحكومة في تفسير قرار المنع الى وجود خشية حقيقية من حصول تداعيات سلبية على لبنان إذا استمر في استقبال رحلات شركات الطيران الإيرانية التي اتُخذت في حقها عقوبات، إضافة إلى المخاوف من احتمال أن يقصف العدو الإسرائيلي المطار بحجة أن الطائرات الإيرانية تنقل أموالا الى حزب الله لإعادة بناء قدراته.
وضمن هذا السياق، تشير أوساط سياسية مؤيدة للموقف الرسمي الى أنه لا يجوز التقليل من خطورة التهديدات الإسرائيلية، لافتة إلى أن العدو الذي لا تردعه أي ضوابط أو اعتبارات قد يلجأ فعلا في لحظة ما الى استهداف المطار بذريعة أن طهران تستخدمه لدعم الحزب، خصوصًا أن الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تغطي بنيامين نتنياهو الى أبعد الحدود وتجاريه في سياساته المتهورة، وبالتالي لا يمكن التعويل على واشنطن لترويضه.
وبناء على هذه الحيثيات، يفترض أصحاب هذه المقاربة أن مقتضيات حماية لبنان والمطار من أي مخاطر إضافية تستوجب حظر هبوط الطيران الإيراني في بيروت الى حين إنجاز ترتيبات جديدة تتناسب مع الواقع المستجد.
لكن وفي المقابل، هناك من ينبه الى أن الامتناع عن استقبال الطائرات الإيرانية تحت الضغط الأميركي والإسرائيلي يفتح باب ابتزاز لبنان على مصراعيه، إذ من يضمن أن تتوقف الأمور عند هذه الحدود، وأن لا تُفتح شهية واشنطن وتل أبيب على طرح مطالب أخرى تحت طائلة تحميل لبنان تبعات عدم التجاوب معها.
ويحذّر أصحاب هذا الرأي من أن الخضوع الى مطلب حظر الطائرات الإيرانية قد يشجع الأميركيين والإسرائيليين على تعميم نموذج المطار في اتجاهات أخرى، إذ أن التساهل في هذا الملف من شأنه أن يحفّز أصحاب الضغوط على الاستمرار فيها لأنهم سيشعرون أنها تجدي نفعًا، وأن لا شيء يمنع من أن تكر سبحة التنازلات تباعا.
ويفترض هؤلاء أن المطار هو الآن خط الدفاع المتقدم للدولة عن سيادتها على كل مرافقها الحيوية، وبالتالي إذا سمحت بأن يصبح غيرها من يقرّر جدول الرحلات، فإنها بذلك تكون قد أعطت إشارة إلى أن كل النوافذ الأخرى في البلد ستكون مشرّعة أمام الرياح الخارجية، ولذا يجب أن تتم مقاربة الأزمة مع طهران من هذه الزاوية بالدرجة الأولى وليس على نحو مجتزأ.