قاسم قصير - خاص الأفضل نيوز
يشكّل يوم الثالث والعشرين من شهر شباط الحالي يومًا تاريخيًّا في مسيرة حزب الله اللبناني حيث سيشيع أمينين عامين وهما سماحة السيد حسن نصر الله وسماحة السيد هاشم صفي الدين وهذا التشييع سيكون محطة مهمة في مسيرة الحزب ودوره المستقبلي حيث
يدخل حزب الله مرحلة سياسية وتنظيمية وشعبية جديدة بعد التطورات التي واجهها منذ حرب الإسناد لقطاع غزة والعدوان الإسرائيلي على لبنان وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد واغتيال قادته الأساسيين وعلى رأسهم أمينيه العامين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين وتولي الشيخ نعيم قاسم مهمة الأمين العام الجديد.
ويمكن اختصار المرحلة الجديدة تحت عنوان: العودة إلى لبنان، أي عودة الحزب للاهتمام بالشأن اللبناني على حساب اهتماماته الإقليمية والخارجية ودوره الكبير في محور المقاومة.
فما هي المراحل التي مر بها حزب الله منذ تأسيسه إلى اليوم؟ وما مؤشرات المرحلة الجديدة اليوم؟
أولاً: المراحل التي مرّ بها الحزب منذ تأسيسه إلى اليوم:
يمكن تقسيم هذه المراحل إلى أربعة مراحل:
الأولى منذ التأسيس في العام 1982 وحتى العام 1989 (لحظة توقيع اتفاق الطائف وبعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية) وتتسم هذه المرحلة بالعمل العسكري والجهادي والأمني وتبني شعارات أممية وخوض صراع كبير في مواجهة القوات الإسرائيلية والأميركية والفرنسية، وصدرت خلالها الرسالة المفتوحة والتي يعلن فيها الحزب التزامه بولاية الفقيه والعمل لإقامة الدولة الإسلامية ومواجهة النظام اللبناني والأميركيين والفرنسيين.
الثانية: بعد اتفاق الطائف في العام 1989 وحتى العام 2000 حيث تركز عمل حزب الله على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والالتزام باتفاق الطائف رغم الاعتراضات المبدئية عليه من خلال دراسة كاملة أعدها المجلس السياسي للحزب، وانخرط الحزب في العمل البلدي والسياسي والنيابي وطوّر هيكليته التنظيمية عبر انتخاب أمين عام للحزب والاهتمام بالقضايا الاجتماعية والسياسية الداخلية مع استمرارِ العلاقة القوية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الثالثة: من العام 2000 وحتى العام 2005: ورغم تحرير الجنوب في أيار 2000 فقد حرص الحزب على استمرارِ عمله المقاوم ولكن بوتيرة منخفضة ومع الحرص على توثيق علاقاته بالقوى الفلسطينية وتقديم كافة أشكال الدعم لها والاستعداد لاحتمال قيام إسرائيل بعدوان جديد على لبنان وركّز الحزب على العمل الأمني والتحضير العسكري غير التقليدي والذي برز لاحقًا خلال حرب العام 2006.
الرابعة: من العام 2005 حتى العام 2011 أي بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري والانسحاب السوري من لبنان حيث دخل الحزب لأول مرة في الحكومة اللبنانية وخاض معركة قاسية لتثبيت دوره في القرار السياسي ولا سيما بعد حرب تموز 2006 وأحداث الخامس والسابع من أيار في العام 2008 واتفاق الدوحة وكان العنوان الأهم لتلك المرحلة تثبيت موقع الحزب ودوره الداخلي في كل القرارات السياسية والأمنية والحكومية وتعزيز تحالفه مع التيار الوطني الحر، ولقد صدرت خلال هذه المرحلة الوثيقة السياسية الجديدة للحزب في العام 2009.
الخامسة: من العام 2011 وحتى العام 2024: والتي تتطور خلالها دور الحزب من الداخل إلى الخارج من خلال اهتمامه بالأوضاع في سوريا ودور المنطقة وتأسيس محور المقاومة وانخراط الحزب في العديد من الصراعات العربية وصولًا لحرب المساندة لقطاع غزة والحرب الإسرائيلية على لبنان، وخلال كل هذه المرحلة واجه الحزب ظروفًا صعبة أمنيًّا وعسكريًّا أدت إلى تلقيه ضربة قاسية من العدو الإسرائيلي وصولًا لسقوط نظام الرئيس بشار الأسد واغتيال أبرز قادته السياسيين والعسكريين.
السادسة: والتي بدأت بعد وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد وتمثلت بانتخاب الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًّا جديدًا للحزب وإعادة ترتيب الهيكلية التنظيمية والأمنية والعسكرية، ورغم أن هذه المرحلة لا تزال في بداياتها، فإننا نشهد خطابًا جديدًا للحزب يركز على القضايا اللبنانية الداخلية وخصوصًا تطبيق اتفاق الطائف وتراجع الاهتمام بالقضايا الخارجية دون التخلي عن ثوابته الفكرية والعقائدية.
وبانتظار تبلور رؤية الحزب السياسية والفكرية الجديدة يمكن القول أن الشعار العملي للمرحلة الجديدة سيكون تحت عنوان: العودة إلى لبنان، سواء على صعيد مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للبنان وملف إعادة الإعمار أو الاهتمام بالدور السياسي الداخلي للحزب وإعادة بناء تحالفات سياسية جديدة قادرة على مواجهة تحديات هذه المرحلة ولخوض الانتخابات البلدية والنيابية القادمة.
فهل سينجح الحزب في مواجهة التحديات القادمة في ظل تراجع الدور الإقليمي والخارجي؟
وكيف سيكون مشهد التشييع داخليًّا وخارجيًّا؟