ميسم حمزة-خاصّ الأفضل نيوز
للحرب تأثير كبير على الإنسان ، خاصة الطفل الذي يعيش الحرب للمرة الأولى ، وقد يظهر عليه سلوك عدواني وانطوائي تجاه المحيطين به، وقد يبدأ بالشعور بالقلق الشديد، وخاصة الخوف من الموت أو الفقدان، ومشاكل النوم والأحلام المزعجة المترتبة على الذكريات المؤلمة التي خزنها عقلهم الباطن، قد لا تختفي الآثار النفسية للحروب والصراعات بمجرد انتهاء الحرب، بل قد تستمر المعاناة والألم .
في حوارها مع الأفضل نيوز تحدثت الدكتورة رانيا الهاشم عن الصحة النفسية للأطفال، وكيف يتاثر الأطفال بالأحداث المحيطة بهم، وعن كيفية تعاطي الأهل مع أطفالهم في حالات الحرب والأزمات النفسية.
-نسمع كثيرا عن مفهوم الصحة النفسية، ما هي الصحة النفسية ؟
-مفهوم الصحة النفسية أو العقلية هو مستـوى من الرفاهية النفسـية أو العقل الخالي من الاضطرابات وهو الحالة النفسية للشخص الذي يتمتع بمستوى عاطفي وسلوكي جيد ويمكن تعريف الصحة النفسية بأنَّها حـالة، ويكون فيها الفرد متوافقا نفسياً ويشعر بالسعادة مع نفسه والآخرين، ويكون قادراً على تحقيق ذاته واستغلال قدراته وإمكاناته إلى أقصى حد ممكن ويكون قادراً على مواجـهة مطالب الحياة وتكون شخصيته متكاملة سوية، ويكون سلوكه عادياً ويكون حسن الخلق بحيث يعيش فى سلامة وسلام.
-مفهوم الصحة النفسية هو الحالـة النفسية العامة للـفرد، والـصحة النفسيـة السليمة هي حـالة تكامل طاقات الفـرد المختلفة مما يؤدى إلى أحسن استثمار لها وتحقيق وجوده؛ أي تحقيق إنسانيته، فالصحة النفسية ذات مفهوم واسع غير محدد وهو مفهوم ثقافي ونسبي بطبيعته وهو متغير بتغير مايجد عليه من معلومات عن الحياة وما ينبغي أن تكون عليه كما أنه يتغير بما نكتشفه عن أنفسنا وسلوكنا وما يجب أن نصل إليه في حياتنا.
ويمكن تعريف الصحة النفسية أيضا أنها حـالة إيجابية تتضمن التمتع بصحة العقل وسلامة السلوك، وأنظر إلى تعريف منظمة الصحة العالمية للصحة بأنها حالـة من الراحة الجسمية والنفسية والاجـتماعية وليست مجرد عدم وجود الـمرض.
-كيف يتأثر الأطفال بالأحداث المحيطة بهم ؟
-لدى الأطفال ردود أفعال مختلفة تجاه الأحداث السلبية في محيطهم، فمنهم من يبكون بصوتٍ عالٍ، والبعض قد يصبحون عاطفيين كثيراً أو مفرطي الحساسية أو كثيري التطلّب، باختلاف العمر وباختلاف الشخصيات، تختلف الطرق التي يُظهر بها الطفل ضيقه، ويعبر الطفل عن ضيقه وخوفه بطرق مختلفة، قد يزداد صراخا وقد يزداد هدوءًا، وهناك أيضا
ردود الأفعال التالية شائعة لدى الأطفال والمراهقين من جميع الأعمار: صعوبة النوم، أو رؤية الكوابيس، أو عدم الرغبة في النوم بمفردهم . التعبير عن قلق بالغ على سلامة الآخرين، أو الخوف من أن الكارثة لم تنتهِ بعد.
-هل يجب وضع قوانين للأهالي للتعاطي مع أطفالهم وعزلهم عن المحيط غير السوي وخاصة في ظل الأحداث التي تجري في الوطن العربي وما جرى في لبنان وما يجري في غزة وغيرهما ؟
-بالتأكيد، يجب على الأهل الحرص في التعامل مع أطفالهم في هذه المرحلة يختلف التعامل مع الطفل بحسب اختلاف سنه لكن يجب على الأهل إذا كان الطفل لديه الوعي وفي سن فوق السبع سنوات أن يحدثه عما يجري دون أن يشعره بالخوف وبطريقة سلسة ومبسطة وحسب استطاعة الطفل على الفهم دون أن يعرض له او يجنبه مشاهدة المجازر يجب أن يكون الطفل على دراية حسب عمره بالأحداث، يجب الحفاظ على الهدوء والتحدث مع الطفل وجَعله يشعر أنك تتفهمه ، وعليك ألا تقلل من شأن مخاوف أطفالك أو تتغافل عنها، وإذا طرحوا عليك سؤالاً شديد الوقع بالنسبة لك، مثل "هل سنموت جميعاً؟" فطمئنهم بأن ذلك لن يحدث، ولكن حاول أيضاً معرفة تفاصيل ما سمعوه ولماذا أقلقهم، إذا تمكنت من فهم مصدر قلقهم، فغالب الظن أنك ستكون قادراً على طمأنتهم،
وأكّد لهم أنك تتفهم مشاعرهم، وطمئنهم أن كل ما يشعرون به طبيعي، بيّن لهم أنك تنصت إليهم بكلّيتك من خلال منحهم كامل اهتمامك، وذكرهم بأنك ترحب بحديثهم إليك — وقتما يشاؤون — أو إلى أي شخص بالغ آخر موضع ثقة.
-كيف نتعامل مع الطفل لكي نؤمن له بيئة صحية ؟
-الدعم النفسي من الأهل مهم جدا كما الابتعاد عن مشاهد العنف أمام الطفل،
والتحدث مع أطفالنا باستمرار
وعدم التحدث عما يجري إلا القليل القليل
وإلهاء الطفل بهواية معينة يحبها،
والحديث دائما أن هذا سينتهي وسنعود لحياتنا الطبيعية، والاهتمام بالاستماع له وعدم تجاهل ما يشعر به.
-ما الدور الذي يجب أن تقوم به العائلة والمدارس لمساعدة الأطفال وحمايتهم ؟
-كما سبق أن ذكرنا سابقا وأكدنا، يجب الحرص على التحدث مع الأطفال
يجب أن نعرف ماذا يفكر به الطفل قد يكون مفهومه أو خياله يهيئ له أحداثًا أكبر من الواقع .
-النشاطات البدنية والذهنية
تعريف الأطفال بالحدث الحقيقي وحجمه الطبيعي دون مبالغة ودون خوف طبعا حسب السن .
دور المدرسة مهم جدا لأن الطفل يعيش أكثر وقته في المدرسة وبين أصدقائه لذلك يجب على المدارس القيام بنشاطات وبمحاضرات تعريفية عما يحصل.
-هل يجب اللجوء إلى مختصين لحماية أطفالنا ؟
-بالتأكيد إن ما نشير له دائما وننصح به معظم الأهالي أنه بأحداث أو بدون أحداث يجب أن يكون هناك نشاط نفسي في المدارس أو في المنازل على الأقل مرة كل ١٠ أيام لأن للطفل عالمه الخاص ولا أحد يستطيع أن يعلم ما يفكر به الطفل أو يتخيله لذلك المرشد النفسي أو المعالج أصبح ضرورة كالماء والهواء والعلم للطفل خاصة بعد غزو عالم التكنولوجيا في عالمنا لا نستطيع أن نحدد ما يشاهده الطفل أو ما يتعلمه لذلك تصحيح سلوكه ومعرفته شيء مهم للغاية، وخاصة بعد الحروب هناك أطفال يعانون من كرب ما بعد الصدمة لذلك لا ضير في اللجوء للعلاج أو استشارة معالج نفسي للتعافي
مع العلم أنه للأسف نعيش في مجتمع يحتاج إلى توعية نفسية كبيرة
يجب الاستشارة قبل الندم وقبل أن يغرق الطفل في أفكار غير حميدة وعندها يصبح العلاج أصعب.