كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
تخطَّى لبنان أزمة حكوميَّة، كانت ستقع بين رئيس الجمهوريَّة جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، بسبب التَّعيينات، التي ظهرت مع تعيين كريم سعيّد حاكمًا لمصرف لبنان، الذي سمّاه الرئيس عون واعترض عليه الرئيس سلام الذي كان لديه اسم آخر، وهو ما حدث معه في التَّعييناتِ العسكريَّة والأمنيَّة لا سيّما لمنصب مدير عام قوى الأمن الدَّاخلي الذي عُيِّن له العميد رائد عبد الله، في وقت كان سلام يطرح اسم العميد محمود قبرصلي الذي كان الرئيس فؤاد السنيورة يريده وطلبه من سلام.
وهدَّد الرَّئيس سلام بالاستقالة، إذا لم يؤخذ برأيه، لكن اتصالات حصلت بينه وبين رئيس الجمهورية، وتدخلت مراجع دبلوماسيّة لدول مؤثِّرة في القرار اللُّبناني، وتحديدًا من أميركا والسعودية، لمنع انفجار أزمة سياسيّة ودستوريّة، وكان لواشنطن دور في اسم حاكم مصرف لبنان، الذي ربطت تدخُّلها بالتَّعيين بأمرين، إجراء إصلاح مالي، وضبط وصول الأموال إلى "حزبِ اللَّه"، وجاء التَّعيين، ليصبّ في التَّوجُّه الأميركي، وأنَّ الحاكم الجديد للمصرف المركزي، تخرَّج من جامعات أميركيّة وعمل في الولاياتِ المتحدة، وهو ليس بعيدًا عن السِّياسة الأميركيّة في لبنان والمنطقةِ، كما أنَّه شقيق النائب السَّابق فارس سعيد الذي يرأس "المجلس الوطني لتحرير لبنان من الاحتلال الإيراني"، ومناهض شرس لـ "حزبِ اللَّه".
وتمَّ ضبط الوضع الحكومي وعدم تفجير أزمة، تحت سقف التَّفاهم الأميركي - السعودي على لبنان، فلجأ مجلس الوزراء إلى التَّصويت على التَّعيين عملًا بالدستور، وبناءً لطلب رئيس الجمهوريَّة، فنال كريم سعيد ١٧ صوتًا، مقابل ٧ أصوات ضدَّ تعيينه، وكان لافتًا تصويت حركة "أمل" و"حزب اللَّه" مع سعيّد، باستثناء الوزير فادي مكي الذي اعترض، وهو سمّي وزيرًا من قبل عون وسلام وموافقة "الثُّنائي الشِّيعي" عليه.
ومرَّت الحكومة بقطوع استقالة رئيسها، الذي خرج من جلسة مجلس الوزراء، ليعلن تحفُّظه على تعيين سعيّد حاكمًا لمصرف لبنان، وأنَّ العُرف يعطي لرئيس الجمهوريَّة التَّسمية، لأنَّ المركز هو للطَّائفة المارونيّة، كما قائد الجيش الذي سمّاه عون، وهو العميد رودولف هيكل.
وما حصل منذ تشكيل الحكومة، أنَّ رئيسها يتعرَّض لنكسات، ويظهر ضعيفًا أمام رئيس الجمهورية، وفقًا لتوصيف له عند البعض في الطَّائفة السّنيَّة، التي صدر من داخلها أكثر من انتقاد لأدائه، فذهب البعض إلى التَّذكير برئيس الحكومة "باش كاتب" عند رئيس الجمهوريَّة، لكن سلام يرد على ذلك، بأنَّه ملتزم بالدُّستور وما ينصّ حول التَّعييناتِ التي إذا لم تحصل بالتَّوافق داخل مجلس الوزراء، فبالتَّصويت، وهذا ما حصل، وأبدى تحفُّظه على التَّعيين في تصريحٍ له بعد الجلسة، ورسم خارطة طريق للحاكم الجديد للمصرف المركزي بأن يلتزم بسياسة الحكومة المالية، بعد تسرّب معلومات بأنَّ سعيّد مرشَّح المصارف، وليس بوارد إعادة أموال المودعين، وفق ما قال سلام في مجلس الوزراء، فاقترح الوزير جو عيسى الخوري أن يحضر المرشَّح للحاكمية إلى مجلس الوزراء، للاستماع إلى آرائه وأفكاره، واستيضاحه حول مسائل ماليَّة.
ويعتبر رئيس الحكومة أنَّه خسر جولة في التَّعيينات، لكنه لم يخسر معركة الإصلاح، التي يتوافق مع رئيس الجمهورية، على أنهما يخوضانها معًا، فمرَّر سلام تعيين حاكم مصرف لبنان، ويتوقَّع أن يربح في التَّعييناتِ الإداريَّة، وهي على تماس مع المواطنين، ووضع آلية لها سيعمل بها.
ولم يقتصر التَّعيين على حاكم مصرف لبنان، بل جرى تعيين الأعضاء في المجلس العسكري، ومدَّعي عام التَّمييز ورئيس مجلس شورى الدولة، فمرَّت هذه التَّعيينات بسلاسة، ولم يتمكَّن وزير الإعلام بول مرقص من تعيين مجلس إدارة لتلفزيون لبنان، لاعتراض أكثريَّة الوزراء على الأسلوب.