محمد علوش - خاصّ الأفضل نيوز
عندما بدأ العهد الجديد بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان بعد توقف العدوان الإسرائيلي بشكله السابق، كان واضحاً حجم الدعم والتأييد الأميركي لهذا العهد، حتى قيل أن الأميركيين سيكونون الرعاة الرسميين له، وهم صوروا أنفسهم كذلك، ولكن منذ انتخاب عون حتى اليوم لم تفعل أميركا شيئاً سوى ضرب هذا العهد من خلال تقديم كل شيء للإسرائيليين، وعلى كل الصعد، عسكريًّا وسياسيًّا ودبلوماسيًّا.
آخر ما تقوم به إدارة ترامب اليوم هو الضغط على لبنان من أجل القبول بمبدأ التفاوض السياسي المباشر مع العدو الإسرائيلي، وفي هذا السياق تُريد أميركا إظهار الشكل الرسمي للتفاوض بغض النظر عن الوقت الذي تحتاجه أي اتفاقات لتبصر النور، رغم ما قد يسببه المطلب الأميركي من انفجار للعهد الجديد والوضع الداخلي اللبناني، فهل تخلّت أميركا عن دعم العهد وقررت الإطاحة بكل التوازنات اللبنانية؟ أم إنها ستقتنع بما يقدمه لبنان من إجابات حول مطالبها والتي تنطلق أولاً من المصلحة اللبنانية؟
لا شكّ أن الموقف الرسمي اللبناني تجاه ما تطالب من أميركا من تفاوض مباشر يؤدي بنهاية المطاف إلى التطبيع أو ما يُشبهه، وجدولة نزع سلاح المقاومة، ينطلق من المصلحة اللبنانية حيث لا يمكن للبنان تحمل كلفة هذه الخيارات، وبالتالي فمن مصلحة العهد الجديد أن تأخذ أميركا بالموقف اللبناني لا تعارضه وتحاول كسره من خلال الضغط العسكري الإسرائيلي الذي يهدد بعودة الحرب، من هنا يمكن استشراف الموقف الأميركي من العهد الجديد.
دعمت أميركا وصول جوزيف عون إلى الرئاسة ومن ثم بدأت بانتقاد مواقفه العلنية بخصوص السلاح والاحتلال الإسرائيلي، علماً أن هناك رأياً في لبنان يقول أن أميركا دعمت العهد لوصول الرئيس لكنها تحارب كل ما من شأنه أن يقوي الموقف الرئاسي، ويساهم ببناء الدولة، إذ لو كانت الحقيقة مغايرة لكانت أميركا قد مهدت الطريق أمام العهد لتحقيق التبدل، فعلى سبيل المثال كانت ساهمت بتقوية موقف الدولة اللبنانية من خلال تأييد الخيار الدبلوماسي والسياسي وأخرجت إسرائيل من الأراضي اللبنانية لا أبقتها محتلة.
كذلك في حال أرادت أميركا معالجة مسألة السلاح لكان يُفترض بها أن توقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وعدم وضع الدولة في موقع الضعيف الذي لا يمكنه حماية أرضه وبلده وشعبه، وحشر هذه الدولة في الزاوية.
يخلص كل المراقبين إلى أن أميركا التي دعمت العهد الجديد لم تتخلّ عنه إنما لم تدعمه منذ لحظة ولادته، بل كان كل دعمها للعدو الإسرائيلي، وهي لم تقدم أي ورقة لهذا العهد، حتى مسألة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان كانت بالنسبة إليها مسؤولية الرئيس الجديد حيث كان موقفها القبول بالحاكم إنما تحميل الرئيس مسؤولية ما سيقوم به، علماً أن ما تطلبه من الحاكم قد يكون بنفس صعوبة اللجان التفاوضية التي تطلبها من لبنان.