مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
تستعدّ "مدينة الشمس" بعلبك، لاستقبال الموسم الصيفي لعام 2025 بتحضير مهرجانين ضخمين، بعيدًا عن كل الدّمار والنزاع والأزمة. ولأنّ الخوف لدى سكّان المنطقة لم يعد حاضرًا كالأيام الأخيرة، عادت الأمور إلى مجاريها وفتحت الأسواق بشكلٍ كليٍ واسترجعت المهن قواها، فالعزيمة والإصرار صفتان أبديّتان للشعب اللبناني.
وبعد جولةٍ ميدانيةٍ قمنا بها داخل أسواق بعلبك والقلعة، اتّضح لنا أنّ عملية البيع والشراء جيّدة، والأسعار ممتازة، وزحمة السير خانقة بسبب عودة المغتربين الاجانب واللبنانيين، وأيضًا اللبنانيين الذين يشجعون السياحة الداخلية بشكلٍ خاصٍ. فكيف تستقبل بعلبك موسمها الصّيفي؟
التحضيرات "على النار"
تتحضّر مدينة بعلبك في صيف 2025 لاستقبال موسم سياحي واعد، حيث تُظهر المدينة حيوية متجددة بعد فترةٍ من الركود الاقتصادي. وتُركز الاستعدادات على تعزيز البنية التحتية أولًا، تحسين المرافق العامة ثانيًا، وتنشيط الحركة التجارية والسياحية ثالثًا.
ومن المتوقع افتتاح مدخل جديد لقلعة بعلبك (مدخل بيت ناصيف) في السابع والعشرين من الشهر الجاري، برعاية وزير الثقافة غسان سلامة ومشروع الإرث الثقافي. وذلك، بهدف تسهيل وصول الزوار إلى الموقع الأثري، رغم بعض الاعتراضات من أصحاب المؤسسات السياحية المحيطة بالقلعة.
وتشجيعًا للناس غير الميسورين، لكل من يحمل بطاقة تابعة للسلك العسكري، باستطاعته زيارة القلعة بالمجّان. أمّا الآخرين، عليهم دفع الدولارين فقط عند باب الدّخول.
كما تعمل بلدية بعلبك، على تعبيد الشوارع الرئيسية وتأهيلها بتمويل من البنك الدولي. ويتم تركيب إضاءة تعمل بالطاقة الشمسية في مداخل المدينة ومحيط القلعة والسوق التجاري حتى منطقة رأس العين، مما يزيد من جمالية المنطقة وبالتالي استقطاب زوارها وناسها.
الاكتظاظ السكاني عند "حجر الحبلى"- أكبر حجر منحوت في العالم
يوصلك شوفير التاكسي عند حجر الحبلى، ليستقبلك "العمّ" الذي حوّل هذا المكان إلى مكان أثري رائع. اهتمّ بالمكان وفتح محال صغير يبيع التحف والأغراض التراثية والصور، ليخبرك عن هذا الحجر القديم.
فالانتظار عند حجر الحبلى في بعلبك له طابع رمزي وثقافي عميق، خاصة لدى الزوار والمهتمين بالآثار والتاريخ. ويُعتقد أن هذا المكان يثير الدهشة والتأمل، ليس فقط لضخامة الحجر، بل لما يرمز إليه من قوة، غموض، وثبات عبر الزمن. فلماذا ينتظر الناس عند حجر الحبلى؟ للتأمل في التاريخ أولًا، فيزن هذا الحجر ويزن أكثر من 1000 طن، مما يدفع الزائر إلى الوقوف والتفكر في قدرة الإنسان القديم على تحريكه أو نحته.
ثانيًا لاهتمام الناس برمزية الحبلى، الاسم يرتبط بأسطورة أو رمزية تخص "الولادة" أو "الانتظار"، وكأن الحجر يحمل بداخله شيئًا لم يولد بعد، ما يضفي عليه طابعًا أسطوريًا يدعو للتأمل والوقوف عنده.
ثالثًا لأنه مكان هادئ ومنعزل.
ورابعًا لأخذ لقطات تصوير فريدة جنب الحجر، كتوثيق لتجربة استثنائية.
مهرجانان ضخمان
وفي حديثه لموقع "الأفضل نيوز"، يؤكد الأستاذ حماد ياغي وهو عضو في الهيئة التنفيذية لمهرجانات بعلبك الدولية وشخصية بارزة في المنطقة يعمل في المجالات الثقافية والفنية والإدارية، أنّ لبنان سيشهد هذا العام بدل المهرجان الواحد مهرجانين.
المهرجان الأول
تستعد مهرجانات بعلبك الدولية هذا العام لتقديم عرض استثنائي لأوبرا "كارمن" في 25 تموز 2025، في أجواءٍ ساحرةٍ داخل قلعة بعلبك الأثرية. وهذا العمل الشهير للمؤلف الفرنسي جورج بيزيه سيُقدَّم برؤية إخراجية جديدة، من توقيع المخرج اللبناني البرازيلي جورج تقلا، وبقيادة المايسترو توفيق معتوق. كما تلعب دور "كارمن" المغنية الفرنسية ماري غوترو، المعروفة بأدائها القوي وحضورها المسرحي المميز. يشاركها في البطولة جوليان بير بدور الجندي "دون خوسيه"، وجيروم بوتيليه في دور مصارع الثيران "إسكاميليو"، إضافة إلى فانينا سانتوني بدور "ميكاييلا". وسيتخلل العرض، مشاركة فنانين، وستترجم النصوص الغنائية فورًا لتسهيل متابعة القصة على الحضور.
المهرجان الثاني
ستُطل الفنانة اللبنانية هبة طوجي على جمهور مهرجانات بعلبك الدولية في الثامن من آب 2025، في حفلةٍ مميزةٍ تُقام في رحاب قلعة بعلبك الأثرية.
وبقيادة الموسيقار أسامة الرحباني، ستقدم طوجي عرضًا يمزج بين الأصالة والإبداع، ضمن تحية خاصة للراحل منصور الرحباني في ذكرى مئويته. الحفل يُجسّد روح لبنان الفنية وسط الظروف الصعبة، ويُعدّ من أبرز محطات صيف هذا العام في بعلبك.