ليديا أبودرغم – خاصّ الأفضل نيوز
بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران و"إسرائيل"، في أعقاب رد إيراني "مبرمج" استهدف القاعدة العسكرية الأميركية في قطر، ومرّ بلا أضرار بشرية وحتى مادية.
وكان لافتاً أن الرئيس الأميركي ترامب شكر إيران لأنها أبلغت بلاده مسبقاً بالهجوم الذي وُضع في خانة "إنقاذ ماء الوجه"، يبرز التساؤل الأبرز حول ما تحقق خلال الحرب فيما يتعلق بميزان الربح والخسارة وتقييم إجمالي لنفقة الحرب التي أثقلت كلا البلدين، وكلّفتهما مئات الملايين من الدولارات إثر المواجهات المحتدمة التي شهدتها سماؤهما عبر الهجوم والدفاع للصواريخ والمسيرات المتبادلة.
فـ "إسرائيل" التي خلقت لنفسها جبهة جديدة في مهاجمتها إيران تكبّدت العديد من الخسائر التي وصلت تكلفتها إلى مئات الملايين من الدولارات.
تصاعد التكاليف الاقتصادية والخسائر البشرية التي سجلت مقتل نحو ثلاثين إسرائيلياً، لحرب "إسرائيل" مع إيران بات يمثّل عبئاً ثقيلاً على الموازنة العامة للحكومة الإسرائيلية، وجزءًا من الضغوط الجاثمة على كاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الوقت الحالي، فوقف الحرب ضد إيران يعيد الأضواء ثانية إلى غزة التي تزداد الأصوات السياسية والشعبية المتعالية في الداخل الإسرائيلي لوقف حربها عبر صفقة تضمن استعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس إثر استمرار القتال الذي استنزف الجيش وأثقل الاقتصاد وأدّى إلى تراجع حاد في شعبية نتنياهو الذي يصارع لضمان بقائه.
هذا بالنسبة للكيان، أما بالنسبة لطهران، وبالرغم من الخسائر التي تكبّدتها إيران على المستويات البشرية والبنى التحتية والعسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، كانت هناك مكاسب لا يمكن إغفالها ، وهي أنه للمرة الأولى يتم قصف الكيان وعمقه بهذه الطريقة حيث سجّلت إيران من خلال تلك الحرب حضورًا استراتيجيًّا هامًّا عززت من خلاله حضورها كلاعب لا يمكن تجاهله في المنطقة، حيث أثبتت قدرتها على خوض مواجهة مباشرة مع "إسرائيل"، وأظهرت أنها تملك أدوات للرد، سواء عبر صواريخ باليستية دقيقة أو عبر شبكتها الإقليمية من الحلفاء، وهذا الحضور الميداني عزّز صورتها في أوساط حلفائها، من "حزب الله" في لبنان إلى الفصائل المسلّحة في العراق والحوثيين باليمن.
وكان هناك تحدٍّ أميركي -إسرائيلي بإسقاط النظام في إيران وصناعة بعض القلاقل في إيران للإطاحة بالحكم، لكن إيران نجحت إلى حد ما في تعبئة الشارع في الدفاع عن السيادة والكرامة ووظّفت الحرب كوسيلة لتوحيد الصفوف داخلياً، رغم استمرار الأصوات المعارضة، كما تمكّنت من توسيع هامش التفاوض: فعقب وقف إطلاق النار، أعلن ترامب استعداده للتفاوض مع طهران، ما قد يفتح الباب أمام محادثات جديدة بشروط مختلفة تثبت أن طهران لاتزال لاعباً يُحسب له حساب في ميزان القوى الإقليمي.
المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية أظهرت محدودية الدور الأوروبي وتواضع الدور الروسي وأكدت التطورات أن "إسرائيل" لا يمكن أن تذهب إلى حرب ضد إيران من دون تفاهم مع الولايات المتحدة ولا يمكنها الخروج منها من دون دور أميركي حاسم، وبدت الصين "بعيدة وعاقلة" على رغم مصالحها الواسعة مع إيران واهتمامها ببقاء مضيق هرمز مفتوحاً.
ومما تقدم، وفي الميزان الاستراتيجي، وفق محللين استراتيجيين، لم تحقق "إسرائيل وأميركا من حربهما ضد إيران سوى التصميم الإيراني على إنتاج قنبلة نووية دون تأجيل، خاصة وأن البرنامج النووي الإيراني لم يتضرر كثيراً ومخزون إيران من اليورانيوم المخصب لايزال في يدها والصواريخ الإيرانية برهنت على أنها سلاح رادع.