عماد مرمل _خاص الأفضل نيوز
مع مرور عام تقريبًا على عدوان أيلول 2024 الذي استمر 66 يومًا، يبدو أن الحرب الإسرائيلية على لبنان وحزب الله لا تزال مستمرة ولو بالتقسيط، في محاولة من قبل العدو لتثبيت أمر واقع أقوى من أي اتفاق.
وبهذا المعنى، فإن اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي تم التوصل إليه في 27 تشرين الثاني من العام الماضي بات معطلاً وخارج الخدمة عمليا بعدما قررت تل أبيب منذ اليوم الأول لولادته عدم احترامه وفرض معادلات ميدانية من خارج النص استنادا إلى تفاهم جانبي مع واشنطن يمنحها حرية الحركة.
والمفارقة أن تل أبيب تبرر اعتداءاتها المتكررة بأنها تأتي ردًا على انتهاك حزب الله للاتفاق من خلال زعم قيامه بأنشطة قتالية، لتتحول بذلك الى المجرم والقاضي في آن واحد، مصادرةً دور لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار المعنية وحدها بتحديد الخروقات وبالتعامل معها من خلال آلية محددة تتضمن تنسيقًا مع الجيش اللبناني الذي يُفترض تبليغه مسبقا بأي خرق مزعوم لمعالجته، قبل أن يبادر العدو إلى استخدام القوة.
والاسوأ أن الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية والمشاركة في لجنة الإشراف تكتفي بالتفرج على الاستباحة الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، بل لعل بعضها متواطئ مع العدو، الأمر الذي دفع رئيسا الجمهورية والحكومة بعد العدوان الواسع الأخير على عدد من بلدات الجنوب إلى مطالبة تلك الدول بتحمل مسؤولياتها والضغط على الكيان الإسرائيلي للَجم اعتداءاته.
وحتى الآن يوحي سلوك الجهات الراعية أو الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، على امتداد عام من مهمتها، بأن "حاميها حراميها" وبأنها الخصم والحكم في الوقت نفسه، ما ينسف صدقيتها ويشجع العدو على الاستمرار في انتهاكاته للاتفاق.
وصار واضحًا أن الكيان يحاول عبر التصعيد العسكري الضغط على الدولة اللبنانية لدفعها الى البدء في خطوات عملية لنزع سلاح حزب الله، علمًا أن الحكومة ذهبت بعيدًا في المسايرة والمرونة عبر قرارات 5 و 7 آب الشهيرة من دون أن يكون هناك في المقابل أي رد فعل إيجابي من قبل الاحتلال.
واللافت عقب الغارات الأخيرة الواسعة على بعض بلدات الجنوب أن الجيش أصدر بيانا حذّر فيه من أن مواصلة الاعتداءات تعيق انتشاره في الجنوب وتعرقل خطته ابتداءً من جنوب الليطاني، الأمر الذي وجدت فيه أوساط سياسية رسالة تنبيه مفادها أن الجيش سيكون متحررًا من التزاماته إذا استمر الطرف الإسرائيلي في موجات العدوان المتنقلة، وأن تنفيذ خطته لحصر السلاح مرهون بخطوات مقابلة ومتزامنة من قبل العدو.
كذلك، فإن إشارة البيان الى أن خروقات الاحتلال تعرقل الخطة ابتداء من جنوب الليطاني، إنما تنطوي على تلويح بأنه يمكن للمؤسسة العسكرية أن تراجع تدابيرها حتى في هذه المنطقة التي يتعامل معها العدو على أساس أنها "تحصيل حاصل" لجهة سحب السلاح منها وإخلائها من أي تواجد للمقاومة.
وإذا كانت "الناظرة" الأميركية مورغان أورتاغوس التي تراقب "حسن السلوك" اللبناني، تريد من زيارتها الجديدة للبنان الاطلاع على مسار خطة الجيش لحصر السلاح، فإن الأولى بها أولا أن تفعل شيئًا للجم السلاح الإسرائيلي "المتفلت" الذي يمعن في عربدته، قبل أن تطالب بيروت بالمزيد.