حمل التطبيق

      اخر الاخبار  الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق في أجواء مناطق الجنوب على علوّ متوسط   /   القوات الإسرائيلية تطلق قذائف ضوئية في أجواء مرتفعات بلدة شبعا وقبالة شاطئ الناقورة   /   مراسل الافضل نيوز: إصابة مواطن جراء استهداف سيارة في وادي الحضايا بين وادي جيلو و يانوح   /   مراسل الأفضل نيوز: غارة من مسيرة استهدفت منطقة الحضايا بين وادي جيلو ويانوح   /   وزير المالية بتسلئيل سموتريتش خلال احتفالات في سديروت: سيكون هناك استيطان يهودي في غزة   /   مسيّرة إسرائيلية تُحلق على علو منخفض في ديرقانون النهر- قضاء صور جنوبي لبنان   /   سانا: الرئيس السوري سيلتقي نطيره الروسي غدا في موسكو   /   الوكالة الوطنية للإعلام: استنفار وحشود من أبناء العشائر في المنطقة الحدودية لبلدة القصر - قضاء الهرمل بعد خطف لبنانيين   /   الشرطة الإيطالية تطلق قنابل الغاز لمنع المتظاهرين من الوصول لملعب مباراة ‎إيطاليا و"إسرائيل"   /   وصول موكب الصليب الأحمر لاستلام جثامين أسرى إسرائيليين في مدينة غزة   /   ترامب: بوتين لا يريد إنهاء حرب ‎أوكرانيا   /   ترامب: أنا محبط من صديقي فلاديمير بوتين   /   الجيش الإسرائيلي: على حماس الوفاء بالاتفاق وبذل كل الجهود لإعادة كافة الجثامين   /   الجيش الإسرائيلي: الصليب الأحمر في طريقه لاستلام جثث الرهائن   /   الجيش الإسرائيلي: على حماس الالتزام بالاتفاق وبذل الجهود لإعادة جثث كل الرهائن   /   ترامب: سنتكفل بنزع سلاح حماس إذا رفضت التخلّي عنه   /   ترامب: نزع سلاح حماس سيحدث بسرعة وربما بعنف   /   قيادي في حماس لـ أ ف ب: الحركة ستسلم جثامين 4 إلى 6 رهائن إسرائيلين الليلة   /   ترامب: الرغبة بالسلام في الشرق الأوسط غير مسبوقة   /   ترامب يتبنى عدواناً على سفينة قرب سواحل ‎فنزويلا بزعم "ارتباطها بالمخدرات"   /   فوز منتخب لبنان لكرة القدم على المنتخب البوتاني ٤-0 ضمن تصفيات كأس آسيا ٢٠٢٧   /   بن غفير يحذر من وقف المساعدات إلى غزة إذا لم تتم إعادة رفاة الجنود الإسرائيليين   /   نتنياهو: آمل أن نسمع خلال الساعات المقبلة أخبارا عن إعادة المزيد من رفات الرهائن   /   نتنياهو: لن ندخر أي جهد لإعادة رفات الرهائن   /   معلومات الجديد: لجنة أمنية مشتركة لبنانية سورية مختصة بمتابعة ملف الحدود ستجتمع الأسبوع المقبل في لبنان تضم عسكريين من مختلف الأجهزة الأمنية   /   

اتفاقُ الدفاعِ المشتركِ السعوديّ – الباكستاني: الأبعادُ والرسائلُ والتداعيات

تلقى أبرز الأخبار عبر :


إلياس المرّ - خاصّ الأفضل نيوز

 

 

يشكّل الإعلان عن اتفاق الدفاع المشترك بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية محطة مفصلية في مسار التوازنات الأمنية الإقليمية والدولية، إذ يربط بين دولة عربية خليجية مركزية ودولة مسلّحة نووياً في جنوب آسيا. هذا الاتفاق، الذي يقوم على مبدأ «أي عدوان على أحد الطرفين يُعد عدواناً على الآخر»، يتجاوز البعد الثنائي ليحمل دلالات ورسائل متعددة، ويطرح أسئلة حول مستقبل الأمن الجماعي في المنطقة والانعكاسات المحتملة على القوى الإقليمية والعالمية.

 

 

الأبعاد الاستراتيجية للاتفاق

 

من الناحية الجوهرية، يحمل الاتفاق ثلاثة أبعاد أساسية. أولاً، هو إطار للدفاع الجماعي يضع الرياض وإسلام أباد في صيغة مشابهة لمبادئ التحالفات الكبرى كحلف شمال الأطلسي، وإن بمرونة أقل. 

 

ثانياً، يتضمن بعدًا نووياً رمزياً، إذ إن مجرد انخراط باكستان – كقوة نووية – في معاهدة دفاعية مع السعودية يوحي بأن الأخيرة باتت محمية ضمن مظلة ردعية، حتى لو لم يكن ذلك منصوصاً بشكل مباشر أو ملزم قانونياً. 

 

ثالثاً، يفتح الاتفاق الباب أمام توسّع إقليمي محتمل، بعد أن أكد المسؤولون الباكستانيون أن الصيغة قابلة لانضمام دول عربية أخرى، الأمر الذي قد يحوله إلى نواة لتحالف دفاعي عربي–إسلامي أوسع.

 

الرسائل الموجهة

 

يبدو أن الاتفاق ينطوي على جملة من الرسائل المتقاطعة. فمن جهة، هو رسالة إلى الداخل السعودي والباكستاني على حد سواء، لتعزيز صورة القيادة في البلدين على أنها ضامنة للأمن القومي وقادرة على بناء شراكات استراتيجية نوعية. ومن جهة أخرى، هو رسالة ردع إقليمية موجّهة إلى الخصوم المحتملين، إذ يشير إلى أن أي تهديد لأمن السعودية سيستجلب ردًا من دولة تملك قدرات نووية. أما الرسالة الأهم، فهي موجهة إلى المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة، مفادها أن الرياض لم تعد رهينة مظلة الحماية الأميركية وحدها، وأنها تمتلك بدائل استراتيجية تعزز استقلاليتها في القرار الأمني.

 

 

التداعيات المباشرة والمتوسطة

 

تتجلى التداعيات في مستويات عدة. أولها التأثير في معادلة الردع النووي في المنطقة؛ فحتى لو ظل البعد النووي رمزياً، فإنه يدخل في حسابات الاستراتيجيات الإقليمية ويثير تساؤلات حول قواعد منع الانتشار. ثانيها، إعادة خلط الأوراق في الخليج وجنوب آسيا، حيث قد تجد إيران والهند نفسيهما أمام معادلة جديدة تفرض عليهما تعديل سياساتهما الأمنية. ثالثها، تآكل الحصرية الأميركية في تأمين الخليج، إذ باتت السعودية تملك ورقة ضغط إضافية في علاقتها مع واشنطن. أما على المدى المتوسط، فقد يدفع الاتفاق بعض الدول العربية إلى التفكير في الانضمام إليه، الأمر الذي قد يؤسس لمحور دفاعي بديل أو موازي للتحالفات القائمة.

 

 

احتمالات المستقبل

 

يمكن رسم أربعة سيناريوهات رئيسية لمسار الاتفاق.

 

1. التكامل التدريجي الإقليمي: وهو احتمال مرجح إذا انضمت دول خليجية أخرى، ما يحوّل الاتفاق إلى تحالف دفاعي موسع.

 

2. الرمزية السياسية: حيث يبقى الاتفاق في إطار ردعي–سياسي دون تطبيقات عسكرية عملية، وهو احتمال قوي إذا تجنبت الأطراف الدخول في مواجهات مباشرة.

 

3. اختبار الالتزامات في الأزمات: قد يُختبر الاتفاق في حال تعرُّض السعودية أو باكستان لاعتداء أو تهديد مباشر، ما قد يقود إلى تصعيد إقليمي واسع.

 

4. الاحتواء الدولي: حيث قد تمارس القوى الكبرى ضغوطاً لاحتواء أبعاده النووية والحد من تصعيده، لكنه احتمال أقل بعد إقرار الاتفاق فعلياً.

 

المواقف الإقليمية

 

إقليمياً، إيران تنظر إلى الاتفاق بقلق بالغ، إذ ترى فيه محاولة لتطويقها وربط السعودية بمظلة ردع نووي، ما سيدفعها ربما إلى توثيق تحالفاتها مع روسيا أو الصين وتعزيز حضورها العسكري في جوارها. أما إسرائيل، فموقفها الرسمي يتسم بالصمت، لكنها تدرك أن أي تعزيز لمعادلات الردع الخليجية يعقّد حساباتها في ملفات التطبيع والأمن الإقليمي. في المقابل، تركيا قد تنظر إلى الاتفاق كعامل متناقض: مصدر قلق على نفوذها من جهة، وفرصة لتسويق صناعاتها الدفاعية أو تعزيز علاقاتها مع الرياض وإسلام أباد من جهة أخرى.

 

المواقف الدولية

 

بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يتسم الموقف بالحياد الحذر. فهي من جهة لا ترغب في رؤية مظلة نووية غير خاضعة لها في الخليج، ومن جهة أخرى لا تريد خسارة شريك محوري كالسعودية في لعبة التوازنات. أما أوروبا، فهي قلقة من أي خطوات من شأنها رفع منسوب التوتر أو تشجيع سباق تسلح إقليمي، وستسعى إلى الترويج لمسار دبلوماسي يحد من مخاطر الاتفاق. في المقابل، روسيا قد ترى فيه فرصة لتعزيز حضورها في الخليج عبر الانفتاح على شراكات جديدة، مع الحرص على عدم الوصول إلى مواجهة مباشرة مع واشنطن أو الهند.

 

المخاطر الكامنة

 

رغم ما يحمله الاتفاق من مزايا سياسية وردعية، إلا أنه ينطوي على مخاطر عدة. أولها الغموض في آليات التنفيذ: فالنص لا يوضح كيفية التدخل المشترك في حال وقوع عدوان، مما يترك مجالاً لتأويلات قد تكون خطيرة. ثانيها، إمكانية إشعال سباق تسلح، إذ قد تسعى أطراف أخرى في المنطقة إلى تأمين ضمانات مماثلة. ثالثها، انعكاساته على العلاقات البينية، خصوصاً مع الهند التي قد ترى في الاتفاق اصطفافاً باكستانياً–خليجياً ضد مصالحها.

 

 

في المحصلة، يمثل الاتفاق الدفاعي السعودي–الباكستاني تحوّلاً استراتيجياً بارزاً في البنية الأمنية للمنطقة. فهو يعبّر عن إرادة سعودية لتوسيع هوامش الاستقلالية عن المظلة الأميركية، وعن سعي باكستان لإعادة تثبيت موقعها كحليف مركزي في المعادلات الإقليمية. 

 

لكن قيمة الاتفاق لا تُقاس فقط بمضمونه المكتوب، بل أيضاً بما قد ينتج عنه من تداعيات على مسار العلاقات الدولية والإقليمية، خصوصاً إذا ما ترجم عملياً إلى التزامات عسكرية في أوقات الأزمات. وبينما قد يشكّل الاتفاق رافعة لتعزيز الأمن والردع، فإنه يحمل في طياته بذور توترات جديدة ما لم يُدَرْ بحذر وبحوار متعدد الأطراف يراعي مصالح القوى الإقليمية والدولية على السواء.