عبد الناصر طه - خاصّ الأفضل نيوز
أنتظرُ أن يعرف “مادورو" أنّ أيامه أصبحت معدودة، ولديه فرصة للهروب إلى روسيا أو الصين قبل نهايته الحتمية.
هكذا بدأ عضو مجلس الشيوخ الأميركي" ريك سكوت"حديثه عن الصراع المسلح الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد كارتيلات المخدرات في منطقة البحر الكاريبي، وعلى رأسها "كارتيل الشموس"، الذي يُتهمُ الرئيس الفنزويلي بقيادته .
وأضاف المشرّع الجمهوري "سكوت" أنّ الرئيس ترامب يقوم بعمل جيّد وصحيح لإنهاء تجارة المخدرات التي تتسبب بقتل أشخاص أميركيين، ويؤكد "أن زعيم الكارتيل هو مادورو، فهو ليس رئيس دولة فنزويلا، بل زعيم كارتيل يقود تجارة المخدرات في الإقليم؛ إذن، فهي حرب معلنة ضد مواطني أميركا، فهم يقتلون من شعبنا ١.٥ آلاف شخص سنوياً ، وهذا العدد يوازي عدد مشاهدي كرة القدم في ملعب مليء بالمشاهدين".
وعن شرعية الانتشار العسكري الأميركي في منطقة البحر الكاريبي، يكرر "سكوت" مقولة ترامب أنه لا يخوض حربًا خارجية مع دولة مجاورة، ولكنه يخوض صراعاً مسلحاً مع عصابات المخدرات، وذلك يعطيه الشرعية في قتل الذين يحاربون المواطن الأميركي في عقر داره، فالجيش الأميركي في هذه الحالة يدافع عن مواطني الدولة؛ وما على "مادورو" إلاّ الرحيل، وتسليم موقع الرئاسة إلى المرشح الفائز في الانتخابات بتاريخ ٢٨ تموز ٢٠٢٤م، السيد "إدموندو غونز اليس".
على الصعيد السياسي فإن الداخل الفنزويلي يتحدث عن غزو عسكري أميركي قريب، والرئيس "مادورو" يتهم الولايات المتحدة بالسعي إلى قلب نظام حكمه، وتثبيت نظام تابع لها في بلاده بهدف الاستيلاء على مواردها الطبيعية الهائلة وفي طليعتها الذهب والنفط والغاز.
بينما نرى وسائل الإعلام العالمية مترددة في التحليلات، فبعضها يرى أن التدخل العسكري الشامل غير مرجّح، بل الأرجح هو حملة ضغط مكثفة تضاف إليها عقوبات مشددة وضربات بحرية، وغارات جوية وغارات كومندوس؛ بعد حصار قاسٍ برًّا وبحراً وجوًّا، في استعراض ترسانة عسكرية قلّ مثيلها في تلك المنطقة من العالم؛ وتعبئة حربية متكاملة في القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في دول "بنما، وترينيداد وتوباغو، وغيانا، وبويرتو ريكو" بينما لا يظهر في وسائل الإعلام أن الأميركي يخطط لوضع اليد على فنزويلا، على نفطها الذي يعتبر أول احتياطي في العالم، وعلى ذهبها الذي أصبح من أوائل الاحتياط العالمي، وعلى غازها المتوفر بكميات هائلة؛ وليس غريبا ما توردهُ بعض التقارير أن موضوع الحسم العسكري أصبح على بعد أسابيع أو أيام، وسيحدث من خلال ضربات قاتلة لمسؤولين عسكريين وأمنين مؤيدين للرئيس "مادورو"، وضربات خاطفة لكل المتورطين في تجارة المخدرات، وبالتالي قلب نظام الحكم.
وهنا لا بد لنا من الإشارة إلى ثروة فنزويلا التي تسيل لعاب القوى الكبرى، بدءاً بالذهب الذي يمتدّ على مساحة تقارب ١١١ ألف كم٢ جنوب نهر "أورينكو"، ويقدر الاحتياط ب ٧ آلاف طن القابل للاستخراج ناهيك عن ملكية فنزويلا لكمية تقدر بـ ١٦٠ طنًّا محفوظة فى البنك المركزي عام ٢٠٢٤م.
ثم امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في العالم، يقدّر بنحو ٣،٣ مليار برميل عام ٢.٢٣م، تليها السعودية بنحو ٢٩٧ مليار برميل.
أمام التصعيد الخطير واحتمالات حرب دامية، قد نفاجأ أنّ المفاوضات بين البلدين لم تنقطع يوماً، وقد مرّت في مراحل مدّ وجَزْر، إلى أن وصلت إلى مرحلة عالية من التعقيد الذي جعل مبعوث ترامب الخاص إلى فنزويلا
"ريتشارد غرينيل" يصرّح بعد لقائه الأخير مع مادورو، أنه أبلغ السلطات الفنزويلية قرار الرئيس ترامب بوضعها أمام ثلاث سيناريوهات حاسمة، الأول: نقل سلمي للسلطة للفائز بانتخابات تموز ٢٠٢٨م وتسهيل خروج آمن لهم ولعائلاتهم إلى المنفى، والثاني: اعتقال الرئيس "مادورو" وفريقه لمحاكمتهم في الولايات المتحدة الأميركية، على غرار ما حصل للجنرال " مانويل نورييغا" حاكم بنما سابقاً. والثالث: القضاء على المجموعة الحاكمة اغتيالاً أو عبر ضربات عسكرية دقيقة بواسطة درونات متطورة.
أميركا بحاجة دائمة إلى عدو مفترض أو حقيقي، وهي ليست بحاجة إلى سند قانوني أو قرارات دولية تدعم حروبها، لأنها تخترع القوانين بما هو مناسب لها، بدءاً من محاربة الشيوعية إلى محاربة الإرهاب وصولاً إلى محاربة كارتيلات المخدرات هذا العام؛ فهل ستضرب مجدداً لإعادة دول أميركا الجنوبية إلى حظيرتها، وهل اقتربت ساعة الصفر للعملية الكبرى هناك؟ الأسابيع القادمة حاسمة.