عماد مرمل -خاصّ الأفضل نيوز
بينما بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يستمر العدو الإسرائيلي في اعتداءاته على لبنان والتي لا تستثني الأهداف المدنية، فيما كان لافتا في الآونة الأخيرة أن جيش الاحتلال تعمد استهداف مهندسَين اثنين من مؤسسة جهاد البناء في منطقة الخردلي خلال توجههما إلى الخيام للمشاركة في مسح الأضرار التي تعرضت لها جراء العدوان الإسرائيلي الواسع، ثم أغار لاحقا على مجموعة كبيرة من الآليات والجرافات في منطقة المصيلح، ما يؤشر بوضوح إلى أن الاحتلال يحاول تعطيل أي مبادرات محلية لإعادة الإعمار، وذلك بالترافق مع رفض الخارج المساهمة بدولار واحد في هذه الورشة قبل أن يسدد لبنان الثمن السياسي المطلوب منه والمتمثل في سحب سلاح حزب الله، ما ينطوي على ابتزاز مكشوف.
وهناك من لا يخفي تخوفه من أن يستغل العدو التهدئة المفترضة في قطاع غزة كي يتفرغ أكثر للبنان ويرفع وتيرة اعتداءاته في المرحلة المقبلة، سعيا إلى إخضاع حزب الله بالضغط العسكري، بينما "الحزب" ليس في وارد التراجع عن قراره الحاسم برفض التخلي عن سلاحه، بل هو يعتبر أن تمادي العدوانية الإسرائيلية من جهة والعجز الرسمي في مواجهتها من جهة أخرى يستوجبان تعزيز قدراته الدفاعية وليس التنازل عنها.
ومع أنه يُسجل للدولة أنها، وللمرة الأولى منذ بدء الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف الأعمال العدائية قبل نحو عام، اتَّخذت قرارًا برفع شكوى ضد تل أبيب لدى مجلس الأمن ردا على استهداف الآليات والجرافات في المصيلح وذلك بعد اتصال أجراه رئيس الحكومة بوزير الخارجية، إلا أن هذا التطور الإيجابي والمستجد في موقف السلطة، يجب استكماله بضغط دبلوماسي منظم وممنهج للجم الاعتداءات، وإلا ستكون الشكوى "معزولة" وبلا سياق متكامل يتممها ويبني عليها.
وإذا كان مفهوما أن الدولة لا تملك القدرة على خوض مواجهة عسكرية ضد جيش الاحتلال، فليس هناك ما يمنعها من الانخراط جديا في معركة دبلوماسية يُفترض أنها تملك أدواتها اللازمة، لرفع الصوت عاليا في العواصم المؤثرة واستمالة الرأي العام الدولي، خصوصا أن قضية لبنان محقة ورابحة، وتحتاج فقط إلى محام بارع.
وأبعد من هذه الحدود، يتطلع حزب الله إلى تدابير أكثر تأثيرا وفاعلية، ويُنقل عن أوساط قريبة من الحزب تأكيدها أن التمادي الإسرائيلي في الاعتداء على لبنان وانتهاك سيادته بات يتطلب من السلطة اللبنانية الانتقال من الكلام إلى الفعل عبر الانسحاب من لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار (الميكانيزم) أو على الأقل تعليق العضوية فيها، كخطوة عملية للضغط على الجهات الدولية الضامنة للاتفاق من أجل إلزام الاحتلال الإسرائيلي بوقف انتهاكاته له، بدل الاكتفاء بـ"الدبلوماسية الناعمة" التي لا تنفع في مواجهة المخالب الإسرائيلية.
وتشير الأوساط إلى أن اللجنة باتت شاهدة زور، بل هي توحي بأنها متواطئة أحيانا وتسهل الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية ولذا لم تعد المشاركة فيها مجدية، وبالتالي ليس هناك ما يمكن أن بخسره لبنان إذا خرج منها بل لعل انسحابه سيكون مربحا له لأنه قد يُحدث الصدمة المطلوبة لتصحيح الخلل الواضح في منهجية اللجنة.