محمد علوش -خاصّ الأفضل نيوز
في خطوةٍ لافتة بتوقيتها ودلالاتها، أرسلت وزارة الخارجية مشروع قانونٍ معجّل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء يقضي بإلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب، أي المادتين اللتين تخصّان اقتراع المغتربين اللبنانيين لستة مقاعد مخصّصة للاغتراب. ويعيد المشروع الجديد المغتربين إلى الخريطة الانتخابية الكاملة، بحيث يصوّتون للمرشحين الـ128 وفق دوائر قيدهم الأصلية في لبنان بحسب ما تقول مصادر مقربة من الخارجية.
بهذا المعنى، فتحت وزارة الخارجية الباب على واحد من أكثر الملفات حساسية في النظام اللبناني وهو قانون الانتخاب، الذي لم يُعدّل يوماً من دون أن يعيد تشكيل التوازنات السياسية والطائفية من أساسها.
عملياً، لم يكن تخصيص ستة مقاعد للمغتربين سوى حلٍّ وسطٍ سابق جاء لامتصاص التناقض بين القوى التي أرادت إشراك المغتربين ضمن النظام الانتخابي، وتلك التي تخشى من أن يخلّ هذا الإشراك بتوازن القوى داخل الداخل اللبناني بسبب الظروف السياسية للقوى السياسية في الخارج. أما اليوم، فإن مشروع وزارة الخارجية يلغي هذه "الوساطة"، ويعيد الأمور إلى أصلها، تقول المصادر، مشيرة إلى أن المغترب اللبناني كناخبٍ كامل الحقوق، لا يجوز جعله كصوتٍ رمزي محصور بمقاعد في الخارج.
ستتباين المواقف حتماً بين مرحّبٍ بخطوة الخارجية ومتحفّظ ورافض لها، وفقاً للحسابات الدقيقة لكل طرف، فالتيار الوطني الحر على لسان رئيسه جبران باسيل تقدم باقتراح حل لمسألة تصويت المغتربين، ويقوم على منح الحرية للداخل والخارج بالاقتراع للنواب الست أو للنواب الباقين، بينما القوات اللبنانية ستكون من أشد المرحبين بخطوة الخارجية، التي لم تكن لتُطرح لولا موافقتها عليها، وبحسب المعلومات فإن الثنائي الشيعي سيقف في موقعٍ الرافض لتعديل القانون، فالمغترب في بيئات الحزبين لا يتمتع بحرية العمل السياسي والتصويت بالخارج وهذا سيؤثر حكماً على النتائج في الداخل.
وبحسب المعلومات فإن الحزب التقدمي الاشتراكي سينظر إلى الموضوع من زاوية التوازن الداخلي لا الاغترابي فهو يرفض أن يكون طرفاً في هذا الصراع على شكل القانون الانتخابي ويحاول أن يلعب دوراً وسطياً، مع خشية لديه أن يفتح هذا الأمر الباب أمام إعادة النظر بتقسيم الدوائر الانتخابية وهو ما ألمح إليه أطراف يرفضون تعديل القانون الانتخابي.
الخطوة في جوهرها ليست تقنية، إنما إعادة تعريفٍ لوزن المغترب في النظام اللبناني، وبحسب مصادر سياسية مطلعة فإن هذا المشروع يفتح الباب مجدداً أمام نقاش النظام الانتخابي نفسه، فهل يبقى لبنان محكوماً بقانون النسبيّة على دوائر ضيّقة، أم يُعاد النقاش في وحدة الدائرة أو في القانون المختلط؟، مشيرة إلى أن هذا النقاش يعني فتح الباب أمام الحديث عن شكل النظام السياسي اللبناني وطبيعته، فهل يكون الحل الوسطي لهذه المعضلة تجميد كل ما له علاقة بتصويت المغتربين، وقدومهم إلى لبنان للتصويت، أم يكون السبب في تطيير الاستحقاق؟