عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
على وقع تهديدات الموفد الأميركي توم براك الصريحة والفجة بحرب إسرائيلية جديدة إذا لم تبادر الدولة الى خوض مفاوضات مباشرة وسحب سلاح حزب الله، وعلى إيقاع طنين المسيرات الإسرائيلية التي لم تغادر الأجواء اللبنانية خلال الأيام الماضية.. بدت أعصاب اللبنانيين مشدودة خشية من عدوان إسرائيلي واسع وقريب يحرق الأخضر واليابس.
وما عزز المخاوف لدى البعض هو إجراء العدو الإسرائيلي تدرببات ومناورات عسكرية واسعة على الحدود مع لبنان في هذا التوقيت، الأمر الذي أعطى انطباعا بأن كيان الاحتلال يخطط لعمل عدائي ضد لبنان، خصوصا أن التحليق المكثف لمسيّراته وبوتيرة غير مسبوقة منذ اتفاق وقف إطلاق النار، أوحى بأنه يعزز رصيد بنك أهدافه ويرفده بمادة جديدة.
ولكن، هل سيناريو الحرب جدي أم أن واشنطن وتل أبيب تخوضان حربًا نفسية ضد لبنان وحزب الله لدفعهما الى تقديم تنازلات تحت الضغط والتهديد؟
تنقسم الآراء حول هذه الفرضية بحيث تبدو احتمالات الحرب من عدمها متساوية نسبيًا. وضمن هذا الإطار، يعتبر القلقون أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو سيركزان بعد اتفاق غزة وإضعاف حركة حماس على التخلص من خطر حزب الله وسلاحه، وهما يفترضان أن أمامهما فرصة ثمينة لتحقيق هدفهما في ظل البيئة الإقليمية الراهنة والمؤاتية التي أعيد تشكيلها بالقوة العسكرية.
ويلفت أصحاب هذه المقاربة الى أن ترامب سيحاول الاستفادة من زخم إنجازه في قطاع غزة لتضييق الخناق على حزب الله، وصولاً الى إعطاء نتنياهو الضوء الأخضر للتصرف في لبنان، وهذا ما عكسه كلام موفده توم براك الذي، وإن كان قد حرص على التأكيد بأن مواقفه الأخيرة عبر منصة إكس تمثل وجهة نظر شخصية، إلا أن ذلك لا ينفي أنه قد يكون الأدق أو الأكثر صراحة في ترجمة حقيقة ما يفكر به الرئيس الأميركي، بلا اقنعة ولا قفازات.
أما المطمئنون الى أن الحرب لا تزال مستبعدة، فينطلقون من استنتاج مفاده أن الواقع الحالي الذي فرضته تل أبيب يناسبها ويحقق لها ما تريد بأقل كلفة ممكنة وبالتالي هي ليست مضطرة الى المغامرة بتغييره.
ويشير هؤلاء الى أن العدو الإسرائيلي ربما يفضل الاستمرار في توجيه ضربات موضعية لا تلقى ردًا مضادًا في ظل صبر المقاومة وضعف الدولة عوضًا عن أن يوسع الحرب ويضع جيشه ومستوطنيه في دائرة الاستهداف المباشر من قبل حزب الله الذي يبدو أنه يدّخر قوته المستعادة للمواجهة الكبرى المحتملة.
ويرجح أصحاب هذا الرأي أن واشنطن وتل أبيب تحبذان استنفاد خيار استنزاف حزب الله وبيئته قبل الذهاب إلى تصعيد شامل، وهما يأملان في أن تؤدي الهجمات العسكرية شبه اليومية والضغوط السياسية والمالية والقيود على إعادة الإعمار الى إنهاك حزب الله وبيئته في نهاية المطاف ودفع الدولة نحو اتخاذ إجراءات على الأرض لسحب السلاح، واستطرادًا فإن العدو الإسرائيلي وحليفه الأميركي يفترضان أن الوقت يعمل لصالحهما وما من داعٍ لاستعجال الحرب الواسعة قبل أن تكون الضغوط المتنوعة قد فعلت فعلها.
على كل، لعل مؤشرات الأيام المقبلة ستُبين طبيعة الوجهة التي سيسلكها لبنان في المرحلة المقبلة وأي الاحتمالات سيكون الأقوى.

alafdal-news
