أزمةُ سكنٍ تتفاقمُ مع تصاعدِ المخاوفِ الأمنية.. هلِ الدولةُ قادرةٌ على التدخل؟

نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز

 

يشهد سوق الإيجارات في بيروت وضواحيها ارتفاعاً غير مسبوق في الطلب على الشقق السكنية، في ظل أجواء من القلق والترقب التي تسيطر على اللبنانيين خوفاً من اندلاع حرب إسرائيلية جديدة على لبنان. هذه المخاوف الأمنية المتصاعدة أدت إلى موجة من الهجرة الداخلية المؤقتة، حيث يبحث الكثيرون عن مناطق آمنة نسبياً أو عن شقق بديلة تلبي حاجاتهم الأمنية والمعيشية.

 

 

لا يقتصر الأمر على الجانب الاقتصادي فقط، بل يحمل هذا التصاعد في الطلب انعكاسات اجتماعية عميقة، حيث تتزايد حالة الذعر بين السكان الذين يواجهون صعوبة في تأمين السكن المناسب، ويتسبب ذلك في توترات اجتماعية إضافية وتراجع في جودة الحياة، وتزداد تعقيدات الوضع مع عدم وضوح المشهد السياسي والأمني، ما يجعل من أزمة السكن جزءاً من أزمة شاملة تتطلب تدخلاً حكومياً عاجلاً، وبينما تتأهب الطبقات الأكثر هشاشة لمواجهة صدمة جديدة، يبقى السؤال الأبرز: كيف ستتمكن الدولة والمجتمع من حماية حق المواطن اللبناني في السكن، وضمان استقراره في ظل هذا المناخ المتوتر والمليء بالمخاطر؟

 

 

قلق يسود الشارع اللبناني 

 

تشهد العاصمة اللبنانية بيروت وضواحيها منذ أيام موجة غير مسبوقة من الطلب على استئجار الشقق السكنية، في ظلّ حالة من القلق والترقّب تسود الشارع اللبناني نتيجة تصاعد المخاوف من احتمال اندلاع حرب إسرائيلية جديدة على لبنان ، هذه الحركة المفاجئة في سوق الإيجارات تعكس حجم الهواجس التي يعيشها المواطنون مع ارتفاع منسوب التوتر الأمني والسياسي في المنطقة.

 

 

إيجارات متأهبة

 

وبحسب وسطاء عقاريين، فإنّ "الاتصالات التي يتلقّونها من الراغبين في استئجار شقق ازدادت بشكل لافت في الأيام الأخيرة، وتركّزت بمعظمها على المناطق الواقعة في الضواحي الشرقية والشمالية للعاصمة، إضافة إلى القرى الجبلية القريبة من المتن وكسروان وعاليه".

 

 

وأوضح أحد أصحاب مكاتب العقارات أن "العديد من العائلات لا تستطيع التعايش مع أصوات الانفجارات والصواريخ، ما يدفعها لاتخاذ تدابير سريعة للانتقال، خاصةً مع الأخبار المتداولة على القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي حول تراجع الاستقرار الأمني واحتمال عودة الحرب".

 

 

هشاشة السوق العقاري

 

من جهة أخرى، يؤكد محللون اقتصاديون أن "هذه الزيادة المفاجئة في الطلب قد تكون قصيرة الأمد، لكنها تكشف عن هشاشة السوق العقاري اللبناني نتيجة غياب الاستقرار السياسي والأمني، وانخفاض الثقة في السوق المحلية. إذ تتزامن هذه التطورات مع مؤشرات سياسية وأمنية مقلقة، إذ تشهد الحدود الجنوبية حالة توتر متبادل بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله"، في وقت تتزايد فيه التوقعات بشأن احتمال امتداد التصعيد إلى الداخل اللبناني. وقد دفع هذا المناخ عدداً من السكان إلى اتخاذ إجراءات احترازية، شملت البحث عن مساكن بديلة، وتخزين المواد الغذائية والوقود، والاستعداد لأي طارئ محتمل".

 

 

هل الدولة عاجزة؟

 

أمام كل تلك المعطيات، يعيش اللبنانيون في انتظار المجهول، والقطاع العقاري بات مرآة صادقة لهذا القلق الجماعي. وفي ظل الأوضاع الراهنة في لبنان، تبدو قدرة الدولة على تأمين مساكن آمنة للمواطنين في حال اندلاع حرب محدودة جداً، نتيجة تراكم الأزمات السياسية والاقتصادية وهشاشة المؤسسات الرسمية، فغياب خطط الطوارئ الشاملة وانخفاض الموارد المالية يضعف القدرة على تقديم حلول سريعة وفعالة للسكان.