كمال ذبيان – خاص "الأفضل نيوز"
الأمر أو التوجّه الذي أعطاه رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، لقائد الجيش، العماد رودولف فياض، بتصدّي الجيش للتوغّل الإسرائيلي بعد عملية مقتل الموظف في بلدية بليدا، إبراهيم سلامة، وهو نائم في مبنى البلدية، يدخل في إطار العقيدة القتالية للجيش التي يُبنى عليها منذ ما بعد اتفاق الطائف في العام 1990، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية وأعاد دمج ألوية الجيش التي انقسمت طائفيًا ومذهبيًا، وحَيَّد الضباط والرتباء والجنود أنفسهم عنها.
فالجيش، ومنذ أن انتشر في الجنوب في عهد قائده الرئيس إميل لحود، تناغم مع المقاومة، وكان يتصدّى بالإمكانات التي يملكها، وحُرم من التسلّح من دول أخرى، لا سيّما روسيا وإيران، لأنّ أميركا رفضت وما زالت ترفض تسليحه، إلا بأسلحة ومعدّات تُستخدم للداخل وتمنع قيام مقاومة ضدّ العدوّ الإسرائيلي. وهذا ما صرّح به الموفدون الأميركيون إلى لبنان، كما المسؤولون في الإدارة الأميركية، بأنّ المطلوب من لبنان نزع سلاح "حزب الله"، وليس تسليح الجيش، إذ أعلن المبعوث الأميركي توم باراك أنّ دوره هو نزع السلاح بالقوّة ولو أدّى ذلك إلى حربٍ أهليّة.
فالرئيس عون أعاد تصويب دور الجيش، الذي بات السلاح محصورًا به، وطلب من قائده الاستعداد والجهوزيّة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيليّة المستمرّة خرقًا لاتّفاق وقف إطلاق النار. وقد سبق لضبّاط الجيش وعناصره أن تصدّوا للجيش الإسرائيلي عندما حاول تخطّي الخط الأحمر، فسقط لهم شهداء، ومنهم المقدم محمد فرحات، الذي عاد العدوّ الإسرائيلي واغتاله في عمليّة عند الشريط الحدودي.
وبعد حوالي عام على اتفاق وقف إطلاق النار، واستمرار العدوّ الإسرائيلي في اعتداءاته، وسقوط نحو 400 شهيد وآلاف الجرحى، وتدمير منازل ومؤسسات، والاغارة على مناطق في البقاع والضاحية الجنوبية، فإن الاعتماد على الدبلوماسية التي يتمسّك بها البعض لم يُعطِ نتيجة، والوسطاء، وكلهم أميركيون، لم يأتوا بضمانات للبنان بوقف الاعتداءات وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي. فقرر رئيس الجمهورية اللجوء إلى القوّة، بإعطاء الأوامر للجيش بالتصدي، لأنه إذا فعل ذلك، فستسقط الثقة به، ومعها دوره ومهامه في الدفاع عن لبنان، الذي يريد العدو الإسرائيلي والأمريكيون منه أن تكون مهمة الجيش نزع وتدمير سلاح حزب الله. وإذا وجه سلاحه باتجاه الاحتلال الإسرائيلي، فسيتم التعاطي معه على أنه خرق لاتفاق وقف إطلاق النار.
من هنا، فإنه ممنوع على لبنان أن تكون فيه مقاومة وسلاح لها، وغير مسموح للجيش أن يتسلح ويدافع عن لبنان. والمفروض عليه هو تشكيل لجان تباشر المفاوضات مع العدو الإسرائيلي للوصول معه إلى اتفاق إبراغ، ومعه لا ضرورة للسلاح في لبنان، الذي عليه أن يصبح دولة منزوعة السلاح، على أن يبدأ العمل بذلك من جنوب الليطاني ويتمدد إلى شماله وكل لبنان.
فالتوجهات التي أعطاها الرئيس عون لقائد الجيش بالتصدي لم تترك ارتياحًا لدى أطراف لبنانية تريد لبنان أن يكون مسالمًا وحياديًّا، ولا يعنيه الصراع مع العدو الإسرائيلي، ويعود لشعار "قوة لبنان في ضعفه"، وبالدبلوماسية يحقق مطالبه، وقد لم ينفع العمل بها منذ عقود، وصدرت قرارات دولية لصالح لبنان ولم يلتزم بها العدو الإسرائيلي، ومنها القرار 1701 الذي تم الالتفاف حوله آلاف المرات. وما يراد من لبنان هو المفاوضات المباشرة مع العدو الإسرائيلي فقط، وهذا ما تم إبلاغه للمسؤولين اللبنانيين الذين يضيعون الوقت، كما يقول براك، ومعه مورغان أورتاغوس التي حضرت إلى لبنان. ومع وجودها في اجتماع لجنة "الميكانيزم"، كان لبنان يتعرض للاعتداءات التي لن تتوقف إلا باتفاق سلام، لا بوقف الاعتداءات.

alafdal-news
