حمل التطبيق

      اخر الاخبار  تمام بليق في مؤسسات الغد الأفضل: صدمة إيجابية أمام نموذج تنموي متكامل في البقاع   /   الخارجية السورية: الوزير الشيباني يتوجه غدا الأحد إلى الصين في أول زيارة رسمية   /   هيئة البث الإسرائيلية: قرار مجلس الأمن بشأن صلاحيات القوة الدولية سيحدد هوية الدول التي ستشارك فيها   /   بن غفير: أدعو نتنياهو لتوضيح أن إسرائيل لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية بأي شكل   /   بن غفير: أدعو رئيس الوزراء لتوضيح أن إسرائيل لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية بأي شكل   /   سموتريتش لنتنياهو: عليك صياغة رد مناسب وحازم يوضح للعالم أجمع أنه لن تقوم دولة فلسطينية أبدا   /   مقتل ما لا يقل عن 4 أشخاص نتيجة انقلاب قاربين يقلّان 95 مهاجرًا غير نظامي قبالة الساحل الليبي   /   مدير مديرية الأمن في السويداء للحدث: الدولة السورية تسعى لخفض التصعيد وفتح حوار   /   المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: نسعى لتنمية علاقاتنا وتوسيعها مع دول الخليج   /   وزير خارجية إسرائيل: ندعو إلى تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية   /   "القناة 12": آلاف يحتشدون حالياً في ساحة "هبيما" في "تل أبيب" مطالبين بتشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث 7 أكتوبر   /   الأمم المتحدة: تضرر أكثر من 13 ألف أسرة من الأمطار في غزة وآلاف العائلات فقدت القليل الذي كانت تملكه   /   معلومات الجديد: الموفدة الفرنسية حثت على الإسراع في معالجة الأمور خاصة وأن المهل أكثر من جدية   /   الجديد : فرنسا على تواصل دائم مع السعودية وأميركا لحل كل المسائل الحدودية   /   وزير خارجية ‎مصر: نجدد رفضنا لأي محاولة لتقسيم ‎غزة   /   مراد يربط خيوط التعاون بين المؤسسات وفعاليات المنطقة   /   التحكم المروري: حركة المرور طبيعية على جميع الطرقات والتقاطعات وعلى مداخل العاصمة بيروت   /   رئاسة مجلس الأمن تؤكد التصويت على مشروع القرار الأميركي بشأن غزة الإثنين   /   مبعوث ترامب: الحرب في السودان "أكبر أزمة إنسانية في العالم"   /   ‏إيران: تحركات الدول الغربية بالوكالة الدولية غير قانونية ولا مبرر لها   /   مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية لأي بي سي: حروبنا المدمرة لتغيير الأنظمة كانت مكلفة   /   غارة إسرائيلية تستهدف شرقي مدينة غزة   /   عملية تمشيط إسرائيلية بالأسـلحة الرشاشة من الموقع المستحدث في جبل الباط باتجاه أطراف بلدة ‎عيترون   /   ‏الرئيس عون: سنقدم شكوى إلى مجلس الأمن بشأن بناء إسرائيل جدارا إسمنتيا يتجاوز الخط الأزرق   /   التحكم المروري: جريحان نتيجة تصادم بين سيارة ودراجة نارية على طريق عام ‎ازال ‎الضنية   /   

قصة زيارة اللواء رشاد الى بيروت 

تلقى أبرز الأخبار عبر :


 


ميشال نصر _خاص الأفضل نيوز

 

لم تكن زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد إلى بيروت حدثاً بروتوكولياً أو محطة عابرة في سجل العلاقات اللبنانية - المصرية.

 

فالزيارة، التي جرت في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، حملت في طياتها رسائل سياسية وأمنية واضحة، أعادت مصر إلى قلب المشهد اللبناني بعدما غابت عنه نسبياً في السنوات الأخيرة.

 

كل التفاصيل، من توقيتها، إلى طبيعة لقاءاتها، و المعلومات المسربة عنها، توحي بأنّ القاهرة قررت هذه المرة الدخول مباشرة على خطّ الأزمة اللبنانية - الإسرائيلية، ليس كوسيط تقليدي، بل كضامن إقليمي، قادر على التحدث إلى جميع الأطراف، انطلاقاً من موقعها كقوة عربية تمتلك شبكة علاقات متوازنة تمتد من واشنطن إلى طهران مروراً بتل أبيب وبيروت.

 

مصادر سياسية متابعة لمسار الاتصالات اللبنانية - المصرية تؤكد أنّ تحرّك اللواء رشاد لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة تفاعل مباشر عقب قمة شرم الشيخ الأخيرة، حيث أعلن الرئيس اللبناني استعداد بلاده للدخول في مفاوضات مع إسرائيل.

 

حينها، أجرت بيروت سلسلة اتصالات عاجلة مع القاهرة، طالبةً دعمها في هذا المسار الحساس، خصوصاً بعد أن أثبتت مصر قدرتها على إدارة ملفات إقليمية معقّدة كالتسوية التي أفضت إلى وقف النار في غزة. وقد تجاوبت القاهرة بسرعة، فباشرت جسّ نبض القوى الدولية المعنية بالملف اللبناني، والتي توزعت مواقفها بين داعم حذر وغير مكترث. 

 

وأمام هذا التباين، اتخذ الرئيس المصري قراراً شخصياً بإيفاد رئيس جهاز مخابراته إلى بيروت، في رسالة أراد من خلالها التأكيد أن مصر لا تكتفي هذه المرة بإبداء النوايا، بل تمارس فعلاً سياسياً مباشراً على الأرض.

 

ووفقًا للمصادر تمحورت اللقاءات التي عقدها اللواء رشاد مع المسؤولين اللبنانيين، حول شقين رئيسيين:

 

- الشق الأمني – الميداني: حيث ركّز على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية، بالتنسيق مع واشنطن وباريس والدوحة، في محاولة لمنع انزلاق الأوضاع إلى مواجهة شاملة. ونقل الموفد المصري قناعة بلاده بأنّ أي معالجة أمنية لا تُرفق بتسوية سياسية داخلية ستبقى هشّة ومؤقتة، لأن الهدوء في الجنوب يبدأ من الداخل، من إعادة ترميم التفاهم الوطني وتوحيد الموقف اللبناني في ما يتصل بالحدود والقرارات السيادية.


- الشق السياسي – التفاوضي، حيث هدفه التمهيد لمرحلة جديدة من الحوار غير المباشر بين بيروت وتل أبيب، وفق مبدأ "الخطوة مقابل خطوة"، لمعالجة الملفات العالقة: الانسحاب من الأراضي اللبنانية المتبقية، تبادل الأسرى، وقف الانتهاكات الجوية الإسرائيلية، وصولاً إلى استكمال ترسيم الحدود.
وقد نقل رشاد رغبة القاهرة في إرساء مسار تفاوضي واقعي يحافظ على الثوابت اللبنانية ويستفيد من اللحظة الإقليمية التي تتيح حلولاً تدريجية لا تُحرج المقاومة ولا تعزل الدولة.

 

غير أن القاهرة، التي استندت في تحرّكها إلى التجربة التي خاضتها في قطاع غزة، حيث تمكنت من التوسط بين أطراف متنازعة والتوصل إلى تفاهمات معقدة أنهت جولة التصعيد الأخيرة، سرعان ما تبيّن لها خلال مباحثات رشاد في بيروت أنّ النموذج الغزّاوي غير قابل للاستنساخ في الحالة اللبنانية، بسبب اختلاف البنية السياسية والديموغرافية، وبفعل خصوصية دور حزب الله في المعادلة الداخلية والإقليمية.

 

ومع ذلك، لاقت بعض الأفكار المصرية تجاوباً من الجانب اللبناني، خصوصاً تلك التي تدعو إلى تحييد لبنان عن لعبة التصعيد المتبادل، وتفعيل قنوات التواصل غير المباشر مع تل أبيب برعاية عربية ودولية مشتركة.

 

وتتابع المصادر أن ما ميّز التحرّك المصري هو الدقة في الحسابات والمرونة في الأسلوب. فالقاهرة كانت حريصة على عدم استفزاز "الثنائي الشيعي"، ولا سيما حزب الله، وتجنّب أي إيحاء بأنّ مبادرتها تستهدف المقاومة أو تضغط عليها، حيث تكشف المعطيات أن قيادة الحزب أبدت تفهماً للتحرك المصري وتعاطياً

واقعياً معه، إدراكاً منها أن مصر تملك ميزتين أساسيتين: الأولى أنها لا تصنّف نفسها في خانة المواجهة مع المقاومة، والثانية أنها تحافظ على علاقة منفتحة مع واشنطن وتل أبيب دون أن تنخرط في الاصطفاف الأميركي الكامل. وهي معادلة نادراً ما تتوافر في أي عاصمة عربية أخرى.

 

الانطباع الذي تركته زيارة اللواء رشاد في الأوساط السياسية اللبنانية هو أنّ القاهرة قررت العودة إلى الساحة اللبنانية من بابها الأوسع، أي من البوابة الأمنية - السياسية المشتركة. فبعد سنوات من الحذر والانكفاء النسبي، تعيد مصر اليوم تثبيت حضورها في لبنان، مدفوعة بقراءة دقيقة للتوازنات الإقليمية، وبقناعة أنّ استقرار لبنان يشكّل عنصراً أساسياً في الأمن القومي العربي.

 

وبينما تحاول عواصم دولية مقاربة الملف اللبناني من زاوية الاصطفافات أو الحسابات الضيقة، تبدو القاهرة أكثر إدراكاً لخصوصية الساحة اللبنانية، وأكثر قدرة على محاورة جميع الأطراف من دون استثناء. 


لهذا، ينظر كثيرون إلى زيارة رشاد كبداية لمسار جديد، عنوانه عودة مصر إلى دورها التاريخي كـ "قلب الاعتدال العربي"، القادر على التحدث مع الجميع، من دون أن يُحسب على أحد.