يارا ايوب - خاصّ الأفضل نيوز
من المفارقات أنَّ المطبات في الطرقات اللبنانيّة ، التي وجدت أساساً لحماية المشاة والحدّ من السرعة، تحوّلت في الكثير من المناطق إلى مصدر إزعاع وخطر، بعدما تكاثرت بشكل عشوائي وغير مطابق للمواصفات، الأمر الذي أثار اعتراض السائقين، وأضحت واقعًا متروكًا بين أيدي البلدياّت والأهالي، وغالباً بلا رقابة. فكيف يحّدد قانون السير مواقع وشروط هذه المطبات؟ ومن المسؤول عن فوضى انتشارها؟
تٌعدّ مطبّات السير واحدةً من أكثر وسائل السلامة انتشاراً في المناطق السكنيّة و المدرسيّة، حيث تستخدم للحّد من السرعة وحماية الأطفال والمارّة. غير أنّ غياب التنظيم في وضعها، جعلها تتحّول في بعض المناطق إلى عوائق غير مرئيّة، تسبّب أعطالاً للسيارات، وتحدث نقمة لدى المواطنين. ففي العديد من المناطق اللبنانيّة، تنتشر مطبّات متعّددة الأشكال والأحجام، بعضها بارتفاعات غير منطقيّة، والبعض الآخر مبنِي بالإسمنت بطريقة يدويّة. ففي جولة قصيرة، يمكن ملاحظة مطبّات بلا علامات، أخرى قريبة من مفارق خطرة، بالإضافة إلى تلك الموضوعة من قبل الأهالي، دون العودة إلى المعايير المروريّة.
إنَّ إنّقانون السير اللبناني واضح في تحديد الجهة المخّولة في وضع المطبّات، من البلديات داخل نطاقها الجغرافي، إلى وزارة الأشغال العامة التي تقع عليها مسؤوليّة ضمان سلامة الطرقات العامة. وبدورها تتدّخل قوى الأمن الداخلي عند الحاجة، لإزالة أي مطبّ غير قانوني، كتلك التي يضعها الأهالي أو المحال التجاريّة دون إذن رسمي، والتي تعتبر تعدّياً على الأملاك العامة، ومخالفة واضحة لقانون السير اللبناني، والأخير يفرض أيضاً شروطاً لوضع المطبّات، تشمل مواصفات ومعايير، أبرزها الموقع المناسب سواءً أمام المدارس، المستشفيات، الملاعب، أو غيرها من المرافق العامّة، بحيث يمنع وضعها على الطرقات السريعة و المداخل الرئيسيّة للمدن.
وبالنسبة لشكل وقياس المطّب، فلا يمكن أن يزيد ارتفاعه عن ال10 سنتم ،وعرضه عن ال 4 أمتار، وهذا ما لا نشاهده في غالبيّة الشوارع اللبنانيّة. بالإضافة لأهميّة وجود العلامات التحذيريّة من لافتات وخطوط أرضيّة مرئيّة ليلاً نهاراً. إنّ غياب هذه الشروط يصّنف المطبّات في خانة الأخطار المروريّة، بدلاً من اعتبارها وسيلة أمان.
إذاً من المسؤول ومن يدفع الثمن؟
قانونياً، أي ضرر يتعّرض له السائق نتيجة مطبّ مخالف، يمكن أن يتحّول إلى شكوى رسميّة توّجه ضِد البلديّة، أو الجهة التي وضعته. ولكن نادراً ما تقّدم الشكاوى، ويبقى المواطن المتضّرر وحده يدفع الثمن.
في المقابل تواجه البلديات ضغوطاً من قبل الأهالي لوضع مطبّات لتخفيف السرعة الزائدة للسائقين، ومن أجل إنهاء هذه الفوضى، يقترح خبراء السير بعضاً من الخطوات كتعزيز الرقابة على المواصفات و المعايير، إجراء دراسة هندسيّة قبل وضع أي مطبّ، وإزالة ما هو مخالف من المطبّات، مع إمكانية وضع مطبّات مطاطيّة مضاءة بالإضافة لكاميرات مراقبة السرعة.
بالنتيجة، فبين القوانين الواضحة والواقع العشوائي، يبقى مطبّ السير في لبنان نقطة خلاف بين السائقين و البلديّات. فوسيلة الأمان هذه قد تتحّول في غياب التنظيم إلى مصدر خطر. والحلّ لا يكون بوضع المزيد من المطبّات، بل بتطبيق قانون السير ووضعها وفق دراسة هندسيّة تضمن سلامة الجميع. وبالتالي، فإن تنظيم هذه الوسيلة قد يكون خطوة أولى نحو شبكة طرق أكثر أماناً في بلدٍ أنهكته الحوادث المروريّة.

alafdal-news
