عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
بعد طول إهمال وتهميش، تحركت أخيرا المياه الراكدة في ملف الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال من خلال بعض المبادرات واللقاءات، إذ نُظم اعتصام تضامني معهم أمام مركز الإسكوا في بيروت شاركت فيه عائلاتهم والجمعية اللبنانية للمحررين والأسرى، فيما التقى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وفدا مشتركا من العائلات والجمعية، سلمه مذكرة بمطالبه التي تدعو إلى تفعيل التحرك الرسمي وتكثيف المساعي من أجل استعادة الأسرى إلى وطنهم.
وأكد عون للوفد أن عودة المعتقلين تشكل أولوية في المفاوضات، وأن الاتصالات مستمرة لإطلاقهم، آملا في تحقيق نتائج إيجابية في أقصر وقت ممكن.
وعُلم أن عون كشف خلال الاجتماع أنه طلب من رئيس الوفد اللبناني إلى لجنة الميكانيزم السفير السابق سيمون كرم أن يعطي الأولوية في التفاوض لمطلب الإفراج عن الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، على قاعدة أن هذا الملف يتفوق من حيث أهميته حتى على الأجزاء المحتلة في المنطقة الحدودية، لأن الإنسان يبقى هو الأساس.
وإذا كان عون قد التقى عددا من ذوي الأسرى واستمع إليهم، فإن رئيس الحكومة نواف سلام لم يحدد بعد موعدا لاستقبالهم رغم أنهم طلبوا لقاءه منذ أسابيع، فيما قررت العائلات عدم زيارة وزير الخارجية يوسف رجي اعتراضا على مواقفه وخياراته، ولعدم ثقتهم في أن لديه نية وارادة للمساهمة في تحرير أبنائهم.
صحيح إن الاستفاقة النسبية على قضية الأسرى اللبنانيين بعد نحو عام من الصمت والتعتيم، هي إشارة إيجابية على قاعدة "أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل أبدا"، غير أن جدوى هذه الصحوة وجديتها مرهونتان بتطويرها إلى استراتيجية عمل متكاملة حتى لا تكون مجرد فورة عابرة سرعان ما يتبخر أثرها.
من هنا، يجب على المعنيين في الدولة وضع استراتيجية منظمة لتشكيل قوة ضغط تراكمية وتصاعدية تدفع في اتجاه إلزام تل ابيب بإطلاق سراح الأسرى الذين كان يجب الإفراج عنهم فور إبرام اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني 2024، علما أن عددا منهم هم مدنيون جرى اعتقالهم بعد الاتفاق، وبالتالي، فإنهم مصنفون وفق معايير القوانين والأعراف الدولية رهائن ومخطوفين.
والأسوأ من كل ذلك أن الاحتلال يمنع الصليب الأحمر الدولي من زيارة المعتقلين أو الحصول على أي معلومات حول أوضاعهم، ما يشكل مخالفة قانونية فادحة وصارخة، وهو الأمر الذي يبقي ذويهم "أسرى" بدورهم للقلق والمجهول.
ولئن كان العدو الإسرائيلي قد شن حرب إبادة على قطاع غزة بحجة أنه يريد استعادة أسراه، فإن الحد الأدنى المطلوب من الدولة اللبنانية هو استخدام كل وسائل الضغط الممكنة لإلزام كيان الاحتلال بالإفراج عن الأسرى فورا، مع ما يتطلبه ذلك من إطلاق خطة إعلامية تحاكي الداخل والخارج وتفعيل للدور الدبلوماسي عبر توظيف المنابر والعلاقات الدولية والسفارات والجاليات اللبنانية للإضاءة على هذا الملف وحض العواصم المؤثرة على المساعدة في معالجته.
كذلك ينبغي أن يشعر كل اللبنانيين أنهم معنيون بقضية الأسرى بمعزل عن الاصطفافات السياسية والانتماءات الطائفية، لتصبح قضية رأي عام تتجاوز حدود عائلات الأسرى وبعض الناشطين.
إن ملف الأسرى اللبنانيين في سجون العدو يشكل اختبارا للمواطنة والوطنية، فهل ننجح جميعا، سلطة وشعبا، في هذا الاختبار؟

alafdal-news
