مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
لم تعد النفايات في لبنان مجرّد أزمة عابرة، بل تحوّلت إلى جزء من الحياة اليوميّة التي يعيشها المواطن اللبناني، بحيث باتت تدقّ على وتره الحسّاس، على الصحّة، على البيئة، وعلى الاقتصاد اللبناني أيضًا. أمّا انفجار مرفأ بيروت عام 2020، فأطاح ما كان يُفترض أن يكون الركيزة الوحيدة لإدارة النفايات في العاصمة: معمل الفرز والتدوير في الكرنتينا. ومنذ ذلك اليوم، تتفاقم الأزمة يومًا بعد يوم. فكيف نصف الصورة؟
لا ضريبة ثابتة على النفايات
الناشطة البيئيّة فاديا جمعة تؤكّد في حديثها لموقع "الأفضل نيوز" أنّه "لا توجد ضريبة مقطوعة ثابتة على النفايات مطبّقة حاليًا في لبنان، لكن هناك توجّهات نحو فرض رسم خدمة أو ضريبة على النفايات إذا تمّ إقرار القانون".
ولفتت إلى أنّ "هناك اقتراحًا حكوميًا لفرض رسم خدمة على النفايات المنزليّة يتمّ دفعه بالدولار، على سبيل المثال حوالي 12$ شهريًا على السكن وفق المشروع، ولكن هذا يتطلّب تعديل القانون 80 الخاص بإدارة النفايات وإقراره في البرلمان قبل تطبيقه رسميًّا".
وأكّدت جمعة أنّ "لجنةً في البرلمان وافقت على مشروع يمنح البلديّات حقّ فرض رسوم رمزيّة على جمع ونقل النفايات إذا تمّ إقراره في المجلس. ويمكننا الاستفادة من النفايات، وبالنتيجة هي فعليًا يمكن اعتبارها مالًا إذا تمّت إدارتها بالشكل الصحيح. وإدارة النفايات بشكل ذكيّ تقلّل التلوّث وتدرّ دخلًا اقتصاديًا وفرص عمل، لكن في لبنان هناك فجوة كبيرة بين الإمكانات والتطبيق الفعلي".
كيف نستفيد من النفايات؟
من خلال:
1. الفرز من المصدر
يبدأ كلّ نظام ناجح للمواد بإجبار الناس على فرز النفايات في المنازل والمؤسّسات (عضوي، بلاستيك، زجاج، معدن، ورق).
عمليّة الفرز تزيد من قيمة المواد وتخفض التكاليف اللوجستيّة وتجعل المعالجة أكثر كفاءة.
2. إعادة التدوير
المواد المفرزة مثل البلاستيك والزجاج والمعدن وحتى الورق والكرتون يُعاد تدويرها لتُستخدم كمواد خام في مصانع، وتباع لأسواق محليّة أو خارجيّة، وهو دخل اقتصادي مباشر. ويمكن ذلك عبر إقامة مشاريع صغيرة ومتوسّطة لجمع وفرز وتدوير هذه المواد.
3. تحويل النفايات العضويّة
حوالي نصف النفايات في لبنان هي عضويّة، ويمكن تحويلها إلى سماد عضوي (كومبوست) يُستخدم في الزراعة. وهذا يعطي قيمة اقتصاديّة مباشرة للمزارعين ويقلّل من استيراد الأسمدة. وهذا ما كان يفعله أجدادنا ببقايا الطعام والخضار، حيث كانوا يستفيدون منها لإطعام الحيوانات وتحويل الباقي إلى سماد.
4. اقتصاد المواد مقابل النقود
مبادرات محليّة تُقدّم مقابلًا ماليًا لتسليم مواد قابلة للتدوير (إعادة شراء البلاستيك/الورق/المعدن). وهذا يشجّع الأفراد على الفرز وجمع المواد بدل رميها في الشوارع. وهذا المثال معتمد في دول أوروبيّة وناجح.
5. الطاقات المتجدّدة من النفايات
يمكن استخدام التخمير اللّاهوائي لإنتاج غاز حيوي (بيوجاز) من النفايات العضويّة لتوليد طاقة كهربائيّة أو حراريّة. وهذا الحلّ يقلّل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويحوّل النفايات إلى طاقة مفيدة. ولفتت إلى أنّ هذا النموذج يُستخدم عالميًا، وقد شاهدت تطبيقه في برشلونة، ويمكن التفكير فيه في لبنان إذا توفّرت البنية التحتيّة المناسبة، مع أنّني شخصيًا لا أوصي به في لبنان بسبب الفساد وسوء الإدارة.
6. خلق فرص عمل محليّة
مشاريع إدارة النفايات توفّر وظائف في الجمع، الفرز، المعالجة، التدوير، والتسويق. وهذه المشاريع قابلة للتطبيق في مختلف المناطق اللبنانيّة، وهو فعليًّا ما يحصل اليوم في ظلّ غياب فرص العمل والأزمة الاقتصاديّة، ولكن بشكل عشوائي.
وتابعت: "كلّ ما سبق تواجهه تحدّيات رئيسيّة في لبنان، من ضعف تطبيق القوانين ونقص البنى التحتيّة لمعالجة النفايات، وتوقّف معظم محطّات الفرز عن العمل بسبب مشاكل فنّيّة وإداريّة، وغياب تشريعات واضحة ومستدامة لتحفيز الاستثمار في تدوير النفايات".
وختمت: "وطبعًا، أوّلًا وأخيرًا، الوعي العام البيئي والتعاون بين المواطنين والبلديّات والدولة".

alafdal-news
