زياد العسل _ خاصّ الأفضل نيوز
فرضت الأزمةُ اللُّبنانيَّة تغييرًا كبيرًا في نمط حياة اللُّبنانيّين عل الصُّعد كافّة، وخصوصًا على أولئك الّذين يتقاضون رواتب باللّيرة اللُّبنانيّة، فنمط الحياة الذي كان سابقًا، بات اليوم شبه محال، في الوقت الذي تتصدّر فيه أمورُ أخرى، أولويّات شعب باغلبيته الساحقة، ومن هذه الأولويات شراء الثّياب، فاللّبنانيُّ معروفٌ بأناقته وتميّزه بها، حتى وصل الأمر ببعضهم أن طبّق المثل الشائع "بيتديّن ليتزيّن".
مصطلح "البالية" ليس جديدًا، بل هو قديمٌ منذ عقود، فهي تعني الثياب المستعملة التي يشتريها المواطن بسعر أقلّ من كلفتها الحقيقية، وذلك بهدف عدم دفع مبالغ باهظة. أمّا اليوم، فلم يعد قسمٌ محدودٌ يتوجه إلى "البالية" فقط، بل إن قسمًا كبيرًا من الشّعب اللُّبنانيّ بات يعتبرها ملجأه في ظلّ الأزمة الأكبر والاصعب من تاريخ لبنان.
يتحدث أبو محمد (من الجنسية السورية) عن تجربته في " باليته" الموجودة في بلدة كامد اللّوز البقاعيّة، حيث الإقبال على شراء الثياب قد زاد بنسبة كبيرة، وعائلات لم يكن يراها، باتت من " أهل المحل"، وفق تعبيره، وبات الطلب على البضاعة كبيرًا جدًا، خصوصًا لذوي العائلات الكبيرة، إذ يقول أن استمرار الأزمة سيدفع به لتكبير حجم باليته بما يتلاءم مع الإقبال المتوقع، وعلى بعد أمتار من أبو محمد ثمة من يتحضر لفتح بالية جديدة أيضًا.
سعيد (أستاذ في التعليم الرسمي) يتحدث للأفضل نيوز بالقول: "إّنَّ معدل راتبه نسبةً لسعر صرف العملة الوطنيّة أضحى لا يشتري ٤ قطع من المحل الذي كان يقصده سابقًا، في حين أنه يشتري بمبلغ ٢٠٠ ألف ليرة أكثر من ه قطع من البالية التي باتت وجهته في بلدة ضهر الأحمر البقاعية وخاصة سوق الأربعاء، وهو الأمر نفسه الذي تحدثت عنه أم رائد وهي موظفة متقاعدة من التعليم أيضًا.
صمودٌ أسطوري لشعب عظيم، ما زال يعتقد أنّ الأملَ سيّد الموقف، رغم تدحرج كرة الانهيار واضمحلال الرواتب بشكلٍ غريبٍ لا يقبل التّصديق، فهل يتغيّر البالي للجديد مع تغير المستجدات وتسارعها؟ أم أنّ البالية ستصبح أيضًا شعارًا في شتى مشارب الحياة اللُّبنانيّة ومفاصلها؟.