أماني النّجار _ خاصّ الأفضل نيوز
صراعُ المَرضى لا يقتصِرُ فقط على الآلام، بل يتعدّاها ليُصبِحَ صراعًا على إيجاد الأدوية أو القُدرة على شِرائها، فغريزةُ البقاء تَدفعُ المريضَ إلى أن يتحمّلَ آلامَهُ، وجَشَعَ التُّجار وفسادَ الدّولة.
مأساةٌ جديدةٌ حلَّت باللُّبنانييّن بعدما ارتفعَت أسعارُ الأدوية، وأصبحَ الدّواء يُحفَظ بعيدًا عن متناوَل الفقراء. فبعضُ المواطنين باتوا عاجزينَ عن شِراءِ أدويتِهِم، وهذا ما سيزيدُ نسبةَ الوَفيّات.
في هذا الصّدد، يقولُ نقيبُ الأطبّاء د. يوسف بخّاش للأفضل نيوز: "إنّنا نُواجهُ مشكِلةً حقيقيّةً، خصوصًا أنّ هُناكَ نَحو ٨٠% من الشّعب اللّبنانيّ أصبحَ تحتَ خطِّ الفَقر، فَضْلًا عن فُقدانِ بعض الأدوية المُستعصية، والنّقص في المعدّاتِ الطبيّةِ ومستلزماتِها، ناهيكَ عن ارتفاعِ أسعارِ الأدوية في ظلِّ الأوضاع الاقتصاديّة، وهجرة نَحو ٤٠% من أطبّاء لبنان".
وأضافَ بخّاش: "نحنُ نُدرِكُ أنَّ أيًّا من النِقابات والجّمعيّات غير قادرةٍ على أن تحلَّ مكان الدّولة، ولكنّ هذا لا يمنعُنا من السّعي لابتكارِ حلولٍ مرحليّةٍ تُريح المُواطنَ، وتدْفعُهُ للاطمئنانِ على صِحّتِهِ".
بالمُوازاة، يقولُ الصّيادِلة: "إنّ الإعلامَ يتّهمُنا بأنّنا السّبب في أزمةِ الدّواء".
في هذا الإطار يرّد الصّيدليُّ إبراهيم البريدي بالقَول لموقعِنا: "يُعاني معظَمُ النّاس من صعوباتٍ في تأمين الكثير منَ الأدوية بسبب نُدرتِها، ومَرضى السّرطان والسّكري على وجهِ الخصوص، حيثُ أصبحوا يقترِبون من الموت كلِّ ثانية من دونِ دواءٍ، وأصبحوا يلعبون دور الأطبّاء ويقرّرونَ الانتقال إلى دواءٍ آخر بسِعرٍ أقلّ؛ لأنّ الأسعارَ ارتفعت ١٠ أضعاف".
لم تستثنِ الأزمةُ الاقتصاديّةُ أيًّا من القطاعات، بما فيها الاستشفاء والدّواء. وفي اتّصالٍ لنا مع الدكتور سليمان سعيد قال: "إنّ العديدَ من المَرضى حُرموا من الأدوية والعلاج الكيميائيّ لمدة ثلاثةِ أشهر، ناهيكَ عن الحالة النّفسيّة السَّيئة للغاية، فكيف أقولُ لمريضي إنّه سيُشفى بالعلاج ولكن الدّواء غير متوفر؟".
يعيشُ مَرضى السّرطان في لبنان معاناةً لتوفير أدويتهم، في ظلِّ الأزمةِ الاقتصاديّة التي ضاعفَت آلامهم الجسديّةِ والنّفسيّة.
في هذا الصّدد، قالت السيّدة هدى سعيد: "أنا مريضةُ سرطان وبحثتُ عن دواء لمدة شهرين في لبنان والخارج، ولم أستطعِ الحصولَ عليه إلّا من الأردن عن طريق بعضِ الأشخاص".
وتابعت غاضبة: "للأسف، نحنُ في بلدٍ لا يُمكِننا تلّقي العلاجَ فيه، فدَولتنا لا تُبالي بنا، والوضعُ مأساويٌّ جدًّا علينا، حتّى العِلاج الكيميائيّ باتَ خياليًا والدّواء غير متوفر بكميّاتٍ كافية".
إذًا، خلفَ جدران منازل اللُّبنانيّين قصصٌ لا تنتهي، وكأنَّ اللُّبنانيّ لم تكُن تنقصه المُشكلات والمصائب التي يواجهها من غلاء المعيشة، وأسعار المحروقات، والكهرباء، وانخفاض الرواتب، وتفاقُم الأزمة الاقتصاديّة، والسّياسيّة، حتّى يأتي موضوعُ رفعِ الدّعمِ عن الأدوية بنِسبٍ متفاوتةٍ، وإذا بقِيت الأمورُ متروكةً على حالها من التّدهورِ فالمشهدُ المُقبِلُ قاتِمٌ ومُرعبٌ. فإلى متى سيدفعُ المُواطن الثَّمن؟ وهل الدَّولةُ ستُنقذه قبل فواتِ الأوان؟.