زياد العسل _ خاصّ الأفضل نيوز
يحارُ المرءُ من أينَ يبدأ في وصف حقيقةِ ما يعيشُه أبناء هذا الوطن على الصُّعد جميعها. ولعلّ الكلامَ الذي يقال عن مقدرةِ هذا الشّعب على الصمود والصبر في أعتى الأزمات، قد جعلَت الكثير من الملفات المركزية تمرُّ مرور الكرام، وكأنها قدرٌ لا خيارَ على السّواد الأعظم من قاطني هذا الوطن.
ظاهرةُ البطالةِ هي أزمةٌ عالميةٌ، ولكنَّ الواقع في لبنان أضحى مختلفاً عن كثيرٍ من دول العالم. وتشير دراسةٌ أجرتها إدارة الإحصاء المركزي إلى أنَّ نصفَ القوى العاملة يتمُّ استخدامها بشكل ناقص، وأنَّ ثمة بطالةٌ مزيّفةٌ تكون في أعمال لا تعطي الفرد الحدَّ الأدنى من المقابل الماديّ، الذي يمكن أن يعيش فيه حياةً كريمةً، في هذا الزمن الصعب والاستثنائيِّ بكلِّ المقاييس، وأن 30% من العاطلين عن العمل يبحثون عن عمل لفترة تزيد على السنتين، ونحو 20% لفترة تمتدُّ بين السنة والنصف والسنتين.وهناك أسباب كثيرة ساهمت في زيادة الهوّة الطبقية، ورفع نسبة البطالة، ولعلَّ أبرزها : أزمة كورونا، وطبيعة الاقتصاد الوطني القائم على الرّيع، والذي يمكن له أن يتأثر بأي أزمةٍ تعصف بالبلاد، واليوم مع انهيار القطاع التعليميِّ وعدم قدرة قسم كبير من الناس على الاستثمار جراء سرقة ودائعهم في المصارف، يوجدُ خشية من زيادة نسبة البطالة، وبالتالي تحوّل هذا الأمر إلى مشهد قد يطيح بالأمن الاجتماعيِّ من خلال إشعال فتيل " الحقد الطبقيِّ والانتقام لواقع الحال.
يرى سمير (شابٌ لبنانيٌّ يبلغ من العمر 27 عاماً)، أن شهادته الجامعيةَ التي أفنى عمره لتحصيلها في الفيزياء، غير قادرةٍ على فعل شيء، وهو اليوم يعمل بشكل يوميٍّ في إحدى المقاهي الشعبية في منطقة البقاع، ومن المرجح ألا يكملَ عمله نتيجةَ تدني الراتب.
كذلك تصف سمر (مجازة في الحقوق) أنَّ الوقت الذي قدمته للدراسة كان يجب أن يقدم في أي دولة أخرى، نظراً لضيق فرص العمل، وانهيار العملة هذا إذا كان هناك عمل في أساس الأمر.
بدوره أشار الباحث في المؤسسة الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، إلى "أنَّ هناك نحو 80 ألف شخص تركوا العمل، و480 ألف شخص عاطلون عن العمل، ما يمثل 35% من القوى العاملة، وهو رقم مرشح للزيادة ، ومن الممكن أن يرتفعَ بأي وقت. ما يؤدي حتماً إلى ارتفاع في معدلات الفقر".
ويضيف شمس الدّين أنَّ "معظم القوى العاملة في لبنان يتقاضون رواتبهم بالعملة الوطنية، ومع رفع الدعم ستزداد آفة البطالة، وسيتأثر قطاع المحروقات سلباً، وقد يتضرر نحو 50% من العاملين في هذا القطاع".
من جهته، أكّد المدير التنفيذيُّ لـ"المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين"، أحمد ديراني "أنّ معدلات البطالة في لبنان ارتفعت بعد تزايد تسريح العمال والموظفين وإقفال مئات الشركات والمؤسسات من دون سابق إنذار، وإخفاق السّلطات المعنية في الحدِّ من الخسائر ونزيف القطاعات الإنتاجية".
ويشير إلى أنّ القطاعين العامَّ والخاصَّ تضررا بشكل كبير، فهذه الأزمة طالت فئات المجتمع كافة، لكن لا شك بأن فئة الشباب نالت القسم الأكبر من نسبة البطالة الآخذة بالارتفاع".
في الدّول المُعطّلة عن متابعة شؤون شعبها، يكثرُ العاطلون عن العمل، حيث إن البِطالة هي مقدّمةٌ لآفات أخرى، فيكفي أنَّها تولد الفقر الذي يعتبر مصدر كل شرٍّ على هذه البسيطة. فهل يسمع ذوو الألباب الأنين، أم أنّ ضمائرهم عاطلةٌ عن السّمع أيضًا؟.