زياد العسل _ خاصّ الأفضل نيوز
"تشْعُر وكأنّك في غابةٍ للصوص، وكأنّ حياتك وما تملك في جيبك وثيابك في خطر"، بهذا الكلام يصفُ عمر (29 سنة_ ابن المنية في الشمال) المشهدَ القائم اليوم، بعد أن تمّت سرقةُ دراجتين ناريَّتين له، كان قد استدان ثمنهما من أقاربه، في غضون ثلاثة أشهر. ويضيفُ عمر: باتَ القلقُ يعتري كلَّ مواطنٍ لبنانيٍّ جرّاء انهيار العملة الوطنية، مع ما تبعَهُ مسلسل البطالةِ والفقر المدقع.
كريستال (معلمة في مدرسة خاصة في زحلة) تتحدث "للأفضل نيوز" عن أنَّها تعرضت للسّرقة منذ نحو الشهر من الآن، وهي بعد ما حدث لها لا تثقُ بالخروج من منزلها حتّى في وضح النّهار، ولذلك فإنها تفكّر جديًّا في الهجرة في أقرب وقت ممكن؛ لأنَّ الأمن الاجتماعيَّ في بلدها بات على المحكّ دون حسيب أو رقيب، ويبدو أنَّ الدّولةَ في "كوما" وفق كريستال.
في العاصمةِ بيروت، راجَت في الآونة الأخيرة سرقةُ أغطيةِ الصّرف الصّحيِّ للاستفادة من الحديد المكوّن لها،ورغم وجود ما يقارب 1700 كاميرا، إلا أنّه تمت سرقة نصف أغطية الصرف الصحيِّ في المدينة إلى غاية اليوم. وقد لفتَ رئيس بلدية بيروت جمال عيتاتي في تصريح له، إلى أنّ السرقات طالت مكبّرات الضوء والأسلاك الكهربائيةِ في الحدائق العامة، وكذلك عشرات القساطل المعدنيّة، والإنارات الأرضية.
وتقدّرُ قيمةُ الخسائر بمئات آلاف الدولارات التي يصعبُ تعويضها، في ظلِّ أزمة الدولار مشيرًا إلى أنَّ المجلس البلديَّ طلبَ من دائرة المحافظة توجيهَ تعليمات لتسيير دوريّات أمنية، ليلًا ونهارًا، فكلُّ طن حديد يبلغ سعره حاليا نحو 310 دولارات أميركيّة، أي أضعاف الحد الأدنى من الأجور. وإذا كان وزن "الريّغار" (غطاء فتحة الصرف) الواحد نحو 80 كيلوغرامًا، فإنَّ سعره يقاربُ 25 دولارا.
يأتي معطوفًا على هذا الأمر أنَّ عائلاتٍ لبنانية كثيرة، بدأت تبيعُ جزءًا من حديدها الذي لا تعتبره أساسيًّا، حيثُ أنَّ هذا الأمر كان نادرًا فيما سبق، ويقول أحمد وهو تاجرُ حديدٍ من بلدة الفاعور في حديث خاصٍّ لموقعنا، أنّ" عمله زاد في السنوات الأخيرة، وثمةَ عددٌ كبيرٌ من الحديد يعرضه الناسُ في المنازل والمزارع وسواها، وهذا وفق التاجر عينه مرشّحٌ لأن يتفاقم أكثر.
هذه عيّناتٌ ونماذجُ تطرحُ بشكلٍ جديٍّ وواضح وصريح، أسئلةً مركزية حول تدحرجِ الأمن الاجتماعيِّ في لبنان، في ظلّ استمرارِ كرة الانهيار، وغياب أيّ مساعٍ للحلول، فعَوض أن يكونَ صراع اللبنانيين مع الذين سرقوهم طوال عقود، قد يتّخذ منحًى جنونيّا يتمثّلُ بأن يسرقَ اللبنانيون إخوتهم في الانتماء والفقر والعوز. فمن يوقفُ مسلسلَ الرعب الاجتماعيِّ المقبل؟.