إضراب 8 شباط.. نيّاتٌ مبطّنةٌ ورسائلُ سياسيّةٌ أم حراكٌ معيشيّ؟

 

كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز

 يتحضّرُ لبنان لإضرابٍ شامل يوم الأربعاء 8 شباط في كلّ المناطق اللبنانيّة، بدعوة من الاتحاد العمّاليِّ العام، وذلك تحت عنوان "انتخاب رئيس للجمهوريّة فورًا والولوج إلى معالجة الأمور وفقاً للدّستور؛ لأنّ الأوضاعَ استفحلت ويجب معالجتها بسرعة". 

  هذا هو المطلبُ الأساسُ لإضراب 8 شباط، الذي سيُشارك فيه قطاعُ النّقل البرّي والاتحادات في المصالح المُستقلّة العامّة والخاصّة، والمستشفيات الحكوميّة، وهيئة التنسيق النّقابية والمعلّمون ونقابات المهن الحرّة.

انتفاضةٌ وليس قطع طرقات

ويُشيرُ مؤيّدون للإضراب، وفقَ معلومات "الأفضل نيوز"، إلى أنّ هذا التحرّك هو لرفع الصّوت من أجل التحرّك سريعًا للجم التدهور الحاصل في مختلف المؤسّسات والقطاعات، التي تسقط وتتهاوى واحدة تلو الأخرى، وسط الارتفاع الجنونيِّ لسعر صرف الدّولار أمام الليرة من دون أيّ سقف، وهذا يؤثّر على كلّ مفاصل الحياة اليوميّة لكلّ مواطن في وقتٍ يتآكل راتبه بشكلٍ أكبر يومًا بعد يوم.

هذا الإضراب الذي سمّاه البعض "انتفاضة"، سيشمل كلّ الأراضي اللبنانيّة، ولن يكون بوجه المواطن، بل بوجه السلطة والمسؤولين، ولن تُقطع الطّرقات على أحد.

 

"كلّو خربان"

  المطالب التي يُطالب بها الاتحاد العمّاليُّ العام وكلّ المؤيّدين لتحرّك 8 شباط ليست محصورةً بهم فحسب، بل هي حقوقٌ حُرم منها المواطن وما زال، بسبب الأوضاع السياسيّة والأزمة التي تعصف بالبلد وتتفاقم. 

ويلفتُ رئيس الاتحاد العمّالي العام بشارة الأسمر إلى أنّ المطالبَ التي نحملها إلى الشّارع يوم الأربعاء، يحلم بها أيُّ لبنانيّ، وهي انتخاب رئيس جمهورية فورًا والتقيّد بالاستحقاقات الدستوريّة من دون تباطؤ وتشكيل حكومة تنفيذيّة فاعلة من الأكفّاء للبدء بمعالجة الأوضاع المتردّية، "لأنّ كلّ العلاجات في ظلّ هذا الوضع لا تنفع، والتخبّط لا يؤدّي إلا إلى تخبّطٍ أكبر على كل الصعد، فلا شيء ينفع في ظلّ عدم الاستقرار".

ويُضيف الأسمر في حديثٍ لـ"الأفضل نيوز": "مشاكل الكهرباء والمياه والقروض السكنيّة والتّسعير بالدولار للمواد الغذائيّة والأدوية وارتفاع أسعار المحروقات وأزمات التربية والبيئة... كلّو خربان". 

ويُتابع: "مؤسّسات الدولة تتداعى تباعًا مع غياب للهيئات الضامنة ومشكلة التضخم وانهيار القدرة الشرائيّة في القطاعَين العام والخاص، وخراب الجامعة اللبنانيّة، كلّ شيء يتّجه إلى الخراب وما مِن مسؤول يتحلّى بحسّ المسؤوليّة للعمل على معالجة هذا الوضع الكارثيّ. ما نراه فقط هو التّراشق السياسيّ المُستمرّ حول أمور لا تعني المواطن لا من قريب ولا من بعيد.. نكادُ نصل إلى الهاوية، ومن هنا تأتي صرختنا".

مُعاناةٌ ووجع

الموضوعُ ليس مطالب فقط، بل مُعاناة تزدادُ يوميًّا، هذا ما يُشدّد عليه رئيس اتحادات قطاع النّقل البرّي بسام طليس. ويُضيف في حديثٍ لموقعنا: "هناك شقٌّ له علاقة بالمُخالفات والتعديات على القطاع من توك توك وتطبيقات وهميّة، وشقٌّ آخر يتعلّق بارتفاع أسعار المحروقات".

ويُتابعُ طليس: "لا تُصدرُ الدّولة تعرفةً رسميّة ليلتزم بها السّائقون، والتّعرفة الحاليّة لا يتحمّلها أحد ولا يُمكن أن يتحمّلها أصلًا، وهي تتسبّب بخلافات مع المواطنين"، داعيًا الدّولة إلى تنظيم قطاع النّقل البرّي ودعمه ومُساعدته "لنصل إلى مرحلة تكامل بين القطاعَين العام والخاصّ".

كما يُشير طليس إلى أنّ تحرّك 8 شباط لا يشبه أيّ تحرّكات سابقة "لأنّ الوجع اليوم أكبر، فالبنزين تخطّى المليون ليرة والمازوت أيضاً، فيما الدّولة تتفرّج".

 

رسائلُ سياسيّة مُبطّنة؟

  انتشرت معلوماتٌ عن وجود نيّة لتحويل إضراب 8 شباط إلى رسالة أو أداة ضغط سياسيّة عبر العناوين المعيشيّة، كما كُتب أنّ هذا التحرّكَ قد يكون أداةً يعتمدها الثنائيُّ الشيعيُّ للضّغط على الفريق الآخر من أجل إتمام الاستحقاق الرئاسيِّ بمرشّحٍ يرضى عنه تحت شعار الضّرورات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والماليّة.

  المؤيّدون للتحرّك رفضوا هذا الكلام شكلاً ومضمونًا. ويقول الأسمر: "هذه حركةٌ عمّالية بحتة. الوضع من سيء إلى أسوأ، ماذا نفعل؟ نتفرّج؟ نحن نتحرّك ضمن إطار تجمّعات وليس في إطارٍ عشوائي وقطع طرقات على المواطنين، فنحن حريصون على الوضع الأمني والاستقرار وأن يكون التحرّك مدروسًا لنتمكّن من حمايته من أيّ تدخّلاتٍ مشبوهة"، مشدّدًا على أنّ "هذه الاتّهامات مرفوضة قلباً وقالبًا". كما يشير إلى "أنّنا نتحرّك بوجه سلطة غير موجودة".

طليس أيضًا يرفض هذا الكلام، ويقول: "السّائقون العموميّون والنّقابات ما خصّن بالثنائي الشّيعي"، معتبرًا أنّ "هذا الكلام في غير محلّه، فهذا القطاع يمثّل جميع اللبنانيين وكلّ فئات الشّعب والجميع يتشارك الوجع نفسه".

  ويُتابع طليس: "بس نحكي بالسياسة، يحكونا سياسة"، مضيفًا: "أنا عضو قياديّ في حركة أمل وهذا معروف، ولكن لم أتعاطَ بأيّ ملفّ إلا بشكلٍ نقابيّ صرف؛ لأنّني مسؤول وهذا واجبي ومسؤوليّتي.. وأيّ جهة سياسيّة أو حزب أو تنظيم أو حركة سياسيّة لا منبر لها إلا عبر النّقابات تروح تطمّ حالها!"، مشدّدًا على أنّ "وجع الناس لا يجوز استعماله واستغلاله لأيّ غاياتٍ سياسيّة".