الأخبار- Ù…Øمد وهبة
منذ Ù†ØÙˆ ربع قرن، يدور اقتصاد لبنان ÙÙŠ Øلقة Ù…Ùرغة من «Ø§Ù„سياسات» التي يقررها مصر٠لبنان، بشخص Øاكمه رياض سلامة. غالبية السلع المستهلكة ÙÙŠ لبنان هي مستوردة، وثمنها ÙŠÙدÙع بالدولارات التي يستجلبها مصر٠لبنان عبر أدوات مثل الÙائدة. ÙŠÙنتÙج هذا المسار نمواً كبيراً ÙÙŠ أرقام القطاع المصرÙÙŠØŒ من دون أن يكون تضخّم هذه الأرقام إيجابياً على الدوام. ÙÙŠ المقابل، تؤدي سياسات مصر٠لبنان إلى خنق الاقتصاد، إذ لا استثمارات تخلق Ùرص عمل جديدة أو تزيد الصادرات!
يكاد يختنق لبنان بكل هذه الودائع ÙÙŠ القطاع المصرÙÙŠ. من أصل 183 مليار دولار مودعة ÙÙŠ المصار٠Øتى شباط 2019ØŒ ثمة 134.4 مليار دولار تودعها المصار٠لدى مصر٠لبنان (Øسب أرقام جمعية المصارÙ)ØŒ Ùˆ50.4 مليار دولار تسليÙات للقطاع الخاص المØلي. وقياساً على الناتج المØلي الإجمالي الذي يقدّره صندوق النقد الدولي بنØÙˆ 56.7 مليار دولار، Ùإن إجمالي الأموال المودعة لدى مصر٠لبنان تمثّل 237% من الناتج، والتسليÙات تمثّل 88.9%. هذا معناه أن اقتصاد لبنان ليس قادراً على استيعاب كل هذه الودائع، ما يثير أسئلة بديهية: لماذا تأتي كل هذه الودائع؟ هل هي Ùعلاً Ù…Ùيدة للاقتصاد؟ لماذا Ù†ØÙ† بØاجة إليها؟ ما هو أثرها الاجتماعي؟ من يقرّر كي٠تتدÙÙ‚ هذه الودائع؟
Ùوائد قاتلة
هذه الأرقام ليست سوى عيّنة من المؤشرات التي تدلّ على هيمنة السياسات النقدية على النشاط الاقتصادي. Ùقد برز ÙÙŠ السنوات الأخيرة ما هو أسوأ، إذ بدأت أسعار الÙوائد تشهد ارتÙاعات قياسية. وصلت معدلات Ùائدة الودائع على الليرة إلى 18%ØŒ Ùيما تصل معدلات Ùائدة القروض بالليرة إلى 23%. أما معدلات Ùائدة الودائع بالدولار Ùتتجاوز 10%ØŒ Ùيما معدلات Ùائدة القروض بالدولار تتجاوز 12%.
هذا المستوى من معدلات الÙوائد يعدّ قاتلاً للقطاعات الاقتصادية والاستهلاك. وبالÙعل، Ùإن التسليÙات المصرÙية تراجعت من 53.4 مليار دولار ÙÙŠ نهاية كانون الأول 2017 إلى 50.4 مليار دولار ÙÙŠ نهاية شباط 2019ØŒ أي خلال سنة وشهرين تراجعت التسليÙات المØلية للقطاع الخاص، بقيمة 2.98 مليار دولار وما نسبته 5.5%. ومن أصل هذا التراجع، هناك 1.59 مليار دولار تراجعاً ÙÙŠ التسليÙات بالليرة، Ùˆ1.38 مليار تراجعاً ÙÙŠ التسليÙات بالدولار.
إذاً، القطاعات تختنق من ارتÙاع أسعار الÙائدة أو كلÙØ© التمويل، Ùيما يغصّ مصر٠لبنان بالأموال وتØقق المصار٠أرباØاً طائلة منها. هذا الأمر يقود Ù†ØÙˆ استنتاج ينطوي على دلالات بالغة الأهمية: لبنان يعالج أزمته من خلال رÙع أسعار الÙائدة عبر أدوات غير تقليدية كالهندسات المالية أو عبر الÙائدة من أجل اØتواء السيولة ومنعها من التدÙÙ‚ إلى السوق. لهذا السبب ارتÙعت ودائع المصار٠لدى مصر٠لبنان بقيمة 30.9 مليار دولار خلال سنة وشهرين، وارتÙعت بقيمة 63.8 مليار دولار منذ مطلع 2016 لغاية شباط 2019.
شربل Ù†Øاس: السياسات النقدية هي الوجه الأكثر تطرّÙاً لظاهرة التورّم المالي
سياسات نقدية متطرÙØ©
وتيرة الزيادة ÙÙŠ ودائع المصار٠لدى مصر٠لبنان مقابل تراجع التسليÙات للقطاع الخاص المØلي وارتÙاع أسعار الÙوائد ليست سوى امتداد للسياسات النقدية التي Ù†Ùذها مصر٠لبنان على مدى ربع قرن. وهذه السياسات، برأي الخبير الاقتصادي والمالي شربل Ù†Øاس، ليست سوى الوجه الأكثر تطرÙاً للسياسات النقدية المتبعة ÙÙŠ العالم بعد Ùكّ الارتباط بين الدولار والذهب. Ùمنذ ذلك الØين، بدأت كمية الدولارات المطبوعة تتضخم بوتيرة هائلة قياساً على قدرة الاستثمار الاقتصادي. إلا أنه ÙÙŠ Øالة لبنان، هناك Ùرق يؤثّر بوتيرة تضخم هذا الورم المالي الناتج من هذه السياسات. تثبيت سعر صر٠الليرة مقابل الدولار هو Ø£Øد هذه العوامل المؤثّرة لأنه يتطلب استمرار تدÙقات الرساميل وإبقاء الÙوائد المØلية أعلى من الÙوائد العالمية، مع ما يترتب على هذه التدÙقات الكبيرة من أكلا٠إضاÙية. ÙˆÙÙŠ لبنان أيضاً، هناك عامل ثان يتعلق بالاستهلاك المØلي القائم على الاستيراد بشكل كبير. ÙÙŠ 2018 بلغت قيمة الواردات 20 مليار دولار، مقابل صادرات بقيمة 3 مليارات دولار، أي أن العجز التجاري بلغ 17 مليار دولار.
ومن Ø£Øد أشكال تطرّ٠هذه الظاهرة ÙÙŠ لبنان، مقارنة مع الخارج، أن بعض الدول التي تعاني هذا الورم المالي، Ù†Ùذت سياسات توظي٠خارجي للأموال، لكن السياسات النقدية ÙÙŠ لبنان Øصرت توظي٠الأموال Ù…Øلياً، ما يعني أن الورم يكبر من دون علاج. يظهر هذا الأمر Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ ÙÙŠ ميزانيات المصار٠التي باتت تمثّل خمسة أضعا٠الناتج المØلي الإجمالي.
تضييق Ùرص الاستثمار
انطلاقاً من هذا الواقع، ÙŠÙسّر الخبير الاقتصادي كمال Øمدان تراجع التسليÙات المصرÙية. يشير إلى أن تثبيت سعر الصر٠يتطلب الإمساك بالسيولة Øتى لا تخلق طلباً على الدولار. لهذا، Ùإن «ØªØ±Ø§Ø¬Ø¹ التسليÙات جاء نتيجة سياسات مصر٠لبنان الرامية إلى ÙƒØ¨Ø Ø¬Ù…Ø§Ø Ø§Ù„Ø·Ù„Ø¨ على الدولار. الأمر مرتبط بنمط سائد أدّى إلى تضييق Ùرص الاستثمار المجدية ÙÙŠ ظل هذا الهمّ النقدي. كل الإجراءات التي يأخذها مصر٠لبنان تصب ÙÙŠ خدمة السياسات النقدية، وهذا ما جعل وجود الطاقة الاستيعابية للتسليÙات Ù…Øدودة نتيجة مقومات اقتصادية جرى دولبتها كنتاج لغلبة النمط الريعي. ÙÙŠ النتيجة، لم تعد شرايين الاقتصاد تØتمل المزيد من التسليÙات. Ùالثقل الÙعلي ÙÙŠ الاقتصاد اللبناني قائم على Ù†ØÙˆ 5 آلا٠شركة من أصل 200 أل٠ÙÙŠ لبنان، Ùيما بدأت هذه الشركات تتأثّر سلباً بارتÙاع معدلات الÙائدة. ÙˆÙÙŠ وقت يكاد يكون Ùيه النمو معدوماً، والتصدير مضروباً، Ùإن لبنان خسر أيضاً تجارة الخدمات مع الخارج التي كانت، جزئياً، تصØÙ‘Ø Ù…ÙŠØ²Ø§Ù† التبادل الخارجي. ÙÙŠ ظل هذه المتغيرات، الاقتصاد يدور ÙÙŠ Øلقة Ù…Ùرغة».
كمال Øمدان: هناك نمط ÙÙŠ تضييق Ùرص الاستثمار نتيجة غلبة النمط الريعي
وسيط للÙساد
إذاً، هناك الاستقرار النقدي الذي يتغذى على الورم المالي، ÙÙŠ مقابل ضع٠آليات الاقتصاد على تØويل الأموال الإضاÙية إلى استثمارات تخلق Ùرص العمل وتزيد الصادرات. هذه السياسات المتطرÙØ© أو الشاذة، ليست Øديثة النشأة. بØسب الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي، Ùإن «ÙƒÙ„ ممارسة يقوم بها المصر٠المركزي قامت ولا تزال على Ùوائد غير طبيعية وغير ملائمة للاستثمار، لا Ù„ØÙز الاستثمار ولا Ù„ØÙز النمو. الÙوائد تÙيد نسبة بسيطة من اللبنانيين، Ùيما هي ÙÙŠ الواقع تعاقب القطاع العام لأنه الأكثر استدانة، وهي تعاقب القطاع الخاص الذي بات يعاني كلÙØ© مرتÙعة للاقتراض مقابل مردود متدنّ على استثماراته. هكذا تعطل الاستثمار وتعطّل النمو».
كان ÙŠÙترض أن يكون همّ مصر٠لبنان الاستقرار النقدي، «Ù„كن همّه كان تثبيت سعر الصرÙ. المÙترض أن تضع النقد ÙÙŠ خدمة الاقتصاد وليس الاقتصاد ÙÙŠ خدمة النقد. هناك Ùرق بين الاستقرار النقدي والتثبيت النقدي. على مدى 25 سنة، جلس Øاكم مصر٠لبنان ÙÙŠ المنتص٠بين السياسيين وأصØاب المصارÙØŒ ونÙّذ ما يسمى هندسات أو عمليات إغراء لاستجلاب الأموال وتراكمت الÙوائد وازدادت الديون. المصر٠المركزي والمصار٠تتØمل هذه الدرجة العالية من الÙساد».
نهب اجتماعي
ÙˆÙÙŠ لبنان، كما ÙÙŠ كل العالم، نتج من هذه السياسات Ùجوة هائلة بين المداخيل والثروات. بمعنى أكثر وضوØاً، إن التورّم المالي خلق اختلالاً كبيراً ÙÙŠ توزيع الثروة ÙÙŠ داخل المجتمعات وبين الدول أيضاً «Ù†Ø§Ø³ معهم ثروات هائلة وناس مديونون» ÙˆÙÙ‚ تعبير Ù†Øاس. إلا أن Ù†Øاس يشير إلى أمر مهم يتعلق بتركّز الثروة الذي يتطلب خلق مجالات Ù„Ù„Ø±Ø¨Ø ÙŠØªÙ… ابتداعه بأشكال مختلÙØ©Ø› أبرزها ÙÙŠ لبنان القروض المدعومة. المشكلة أن قيمة هذه القروض بلغت 15 مليار دولار، ÙˆÙÙ‚ أرقام الوزير منصور بطيش، لكن لا Ø£Øد يعلم مدى Ùاعليتها. Øمدان يعتقد بأن هناك Øاجة ضرورية لإجراء تقييم الأثر الناتج الاقتصادي والاجتماعي لسياسات القروض المدعومة التي تم اللجوء إليها كنوع من تلطي٠أثر السياسات النقدية على الاقتصاد. Ùهل خدمت الأهدا٠المنشأة من أجلها، أم أنها عمّقت الاختلالات؟ الأرجØØŒ ÙˆÙÙ‚ المعطيات المتواÙرة عن المستÙيدين من هذه القروض، أنها لم تكن مخصصة للÙئات الÙقيرة، بل استÙاد منها أصØاب الثروات أكثر من غيرهم.