حمل التطبيق

      اخر الاخبار  ترامب: طائراتنا أصابت أهدافها في ‎إيران والمنشآت النووية محيت بالكامل   /   ترامب: سيكون من المفيد أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة   /   ‏ترامب: سنخفض الضرائب وسنعزز أمن الحدود   /   ‏ترامب: سنوقع اتفاقا مع الهند قريبا   /   ‏ترامب: نعمل على جعل أميركا عظيمة مجددا   /   ‏ترامب: وقعنا اتفاقا مع الصين   /   قوات العدو تطلق الرصاص بإتجاه "تلة هرمون" والمدفعية المعادية تستهدف التلة بقذيفة هاون   /   ‏دولة الإمارات تعرب عن إدانتها لاعتداءات مستوطنين إسرائيليين على مدن وقرى في الضفة الغربية   /   ‏وزير الدفاع الإسرائيلي: طلبنا نحن وأميركا من إيران تسليم اليورانيوم المُخصب   /   ‏عراقجي: حالياً لا نقبل زيارة غروسي لطهران   /   ‏عراقجي: تفعيل آلية الزناد من قبل أوروبا سيكون أكبر خطأ استراتيجي   /   ‏عراقجي: ندرس المطالبة بالتعويضات جراء الهجمات على منشآتنا النووية   /   مسيرة إسرائيلية معادية ألقت قنبلة على حي "الشواط" في بلدة عيتا الشعب   /   هيئة البث الإسرائيلية: اعتقال شخص بتهمة التجسس لصالح إيران   /   ‏سي.إن.إن عن مصادر مطلعة: محادثات أميركية إيرانية جرت خلف الكواليس حتى في خضم الضربات العسكرية   /   عراقجي: إيران ليست لبنان وإذا ما تمّ خرق وقف النار سيكون ردنا حاسما   /   سي.إن.إن عن مصادر مطلعة: إدارة ترامب عرضت على طهران تخفيف العقوبات والإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية مقابل العودة للمفاوضات   /   الشيخ قاسم: خيارنا أن نعمل لتحرير الأرض ولا يمكن أن نخضع للإملاءات أو نستسلم للاحتلال   /   الشيخ قاسم: إيران ألحقت وحدها أضراراً بالكيان الذي أثبت مجدداً أنه عاجز عن أن يستمر يوماً واحداً من دون الدعم الأميركي   /   ‏الإليزيه: ترامب اتصل بماكرون وناقشا الوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا   /   الشيخ قاسم: الجمهورية الإسلامية أثبتت أنها قادرة وحدها على مواجهة الطاغوت الأميركي و"إسرائيل" المجرمة ومعهما الدعم الأوروبي   /   ‏عراقجي: لا تفاهم حاليا بشأن محادثات جديدة مع واشنطن   /   الديوان الأميري: الرئيس التركي أشاد بالجهود التي بذلها أمير دولة ‎قطر في تيسير التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين ‎إيران وإسرائيل   /   الشيخ قاسم: ايران لديها قائد شجاع حكيم ملهم يقتحم المصاعب ويقف في الميدان وواثق بالنصر   /   الديوان الأميري: أمير دولة ‎قطر تلقى اتصالا من الرئيس التركي أكد خلاله تضامن بلاده مع دولة قطر وإدانتها الشديدة للهجوم الإيراني على قاعدة العديد   /   

قمة الناتو 2025 في لاهاي: تحوّل في العقيدة أم استجابة لأزمات مستعصية؟

تلقى أبرز الأخبار عبر :


الياس المر - خاص الأفضل نيوز 

 

لاهاي – في لحظةٍ دولية مفصلية، التأم حلف شمال الأطلسي (الناتو) في قمة غير عادية انعقدت في مدينة لاهاي الهولندية يومي 24 و25 حزيران/يونيو 2025، وسط عالم يتغيّر على نحو متسارع. وعلى وقع الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتصعيد الإيراني الأميركي الأخير، والصعود التكنولوجي الصيني، خرج قادة الدول الأعضاء بإجماع غير مألوف على رفع سقف الإنفاق الدفاعي وتوسيع نطاق الردع المشترك، فيما تظل الأسئلة معلّقة حول مدى التزام واشنطن، وقدرة أوروبا على التحوّل من التبعية إلى القيادة.

 

رغم كثافة التحديات، فإن القمة حملت طابعاً احتفالياً رمزيًّا بأنها جمعت لأول مرة منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية محاطة بقلق أوروبي شديد. وإذا كانت القمم السابقة للناتو شهدت محاولات مضنية للحفاظ على وحدة الحلف، فإن قمة لاهاي ظهّرت مساعي لإعادة تعريف وظيفته في القرن الحادي والعشرين، لا فقط الدفاع عن الحدود الأوروبية، بل حماية “نمط الحياة الغربي”، كما ورد في البيان الختامي.

 

من الردع إلى الجاهزية الصناعية

 

من أبرز نتائج القمة، كان الاتفاق على رفع ميزانيات الدفاع الجماعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو بحلول عام 2035، وهي سابقة في تاريخ الحلف. ويقسم هذا الرقم إلى 3.5% مخصصة للدفاع العسكري المباشر، و1.5% للاستثمار في البنية التحتية الأمنية، والأمن السيبراني، وسلاسل الإمداد الحيوية. هذا التحوّل يعبّر عن قناعة بأن المواجهة مع روسيا ليست فقط مسألة عسكرية، بل اقتصادية وتكنولوجية كذلك.

 

الخطوة التي رحّب بها البيت الأبيض ودفعت باتجاهها إدارة ترامب، كانت محل تردد داخل بعض العواصم الأوروبية. إسبانيا، على سبيل المثال، أعربت عن تحفظها، مشيرة إلى استحالة تحقيق الهدف دون المساس بالإنفاق الاجتماعي. كذلك، عبّرت دول صغيرة مثل البرتغال وبلجيكا عن مخاوفها من خلق فجوة داخلية بين “دول الصف الأول” مثل بريطانيا وألمانيا وبولندا، ودول أقل قدرة على المساهمة.

 

ومع ذلك، فإن التحوّل في المقاربة الدفاعية بدا واضحاً في كلمات زعماء الحلف. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدث عن “ضرورة الانتقال من منطق الردع فقط إلى منطق الجاهزية المستدامة”، فيما رأت وزيرة الدفاع الألمانية أنيتا كروغر أن “التحدي الحقيقي ليس في رفع الإنفاق فقط، بل في إنفاقه على الوجه الصحيح: إنتاج، تدريب، وتأهيل صناعي”.

 

أوكرانيا: شريك دائم خارج العضوية

 

على الرغم من أن أوكرانيا لم تُدعَ للانضمام رسمياً إلى الحلف، فإن موقعها كان مركزياً في نقاشات القمة. البيان الختامي أعاد التأكيد على دعم غير مشروط لكييف، بما في ذلك “ضمانات أمنية ثنائية وجماعية”، ومساعدات تقنية لتطوير قدراتها الدفاعية. لكن ما غاب عن الخطاب الرسمي هو الجدول الزمني الفعلي لضمها، وهو ما عبّر عنه الرئيس فولوديمير زيلينسكي حين قال: “نحن في مقدمة الدفاع عن قيم الناتو، لكننا لا نزال خارج أسواره.”

 

الدعم الموعود شمل أيضاً تسهيل دخول أوكرانيا في سلاسل إنتاج الأسلحة المشتركة، وإقامة مراكز تدريب للناتو داخل الأراضي البولندية لتعزيز الجاهزية على حدود التماس مع روسيا. وبهذا المعنى، تتجه أوكرانيا إلى أن تصبح “عضواً وظيفياً” دون الصفة الرسمية، وهو نموذج سبق أن اختبر في العلاقات الأميركية–الإسرائيلية، واليوم يعاد توطينه في المجال الأوروبي الشرقي.

 

ترامب مجدداً: من التشكيك إلى الضغط

 

وجود ترامب على رأس الولايات المتحدة شكّل نقطة توتر داخل القمة. ففي حين طالب الحلفاء الأوروبيون بتطمينات بشأن التزام واشنطن بالبند الخامس (الرد الجماعي)، قدّم ترامب خطاباً مزدوجاً. من جهة، أكّد “التمسك الكامل بحماية أمن أوروبا”، ومن جهة ثانية، طالب أوروبا “بأن تدفع الثمن الذي تستحقه الحماية”. وكما في قمة 2018 الشهيرة، استخدم لغة فيها الكثير من الابتزاز السياسي، مؤكداً أن “أمن أوروبا لا يمكن أن يبقى على حساب دافعي الضرائب الأميركيين”.

 

لكن اللافت هذه المرة أن الرد الأوروبي لم يكن دفاعياً. رئيس الوزراء الهولندي مارك روته تحدث عن “مرحلة جديدة من التوازن”، فيما شدد الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ على أن “التحديات العالمية تفرض على الجميع، بمن فيهم الأميركيون، التزامات لا مجال فيها للمقايضة”.

 

تهديدات روسيا والصين: على الجبهتين العسكرية والتكنولوجية

 

القمة لم تغفل التهديد القادم من موسكو. تقارير استخبارية نوقشت خلف أبواب مغلقة تشير إلى احتمال تصعيد عسكري روسي في بحر البلطيق خلال الأعوام الخمسة المقبلة، مع تزايد الأنشطة البحرية والجوية. بالمقابل، نوقشت الاستراتيجية الصينية كخطر طويل المدى، خصوصاً في مجال الفضاء، الاتصالات، والذكاء الاصطناعي. وجرى تبني خطة لحماية شبكات 5G ومراكز البيانات، خصوصاً بعد حادثة تسريب معلومات عسكرية عبر تطبيق مدعوم من بكين.

 

الشق السيبراني... جبهة مفتوحة

 

أحد النقاط البارزة في القمة كانت الهجمات السيبرانية. في الأيام التي سبقت القمة، تعرّضت مواقع حكومية هولندية وألمانية لهجمات تعطيلية نسبت إلى مجموعات مرتبطة بروسيا. ما حوّل التركيز إلى “الردع السيبراني” كعنصر أساسي في العقيدة الدفاعية الجديدة. وتقرر تشكيل قيادة موحدة للحرب الرقمية داخل هيكل الناتو بحلول 2026، على أن يتم تمويلها من مساهمات خاصة.

 

نهاية القمة.. وبداية التحدي

 

قمة لاهاي كانت لحظة وضوح نادر في تاريخ الحلف. لكنها أيضاً لحظة اختبار. فرفع سقف الطموحات لا يعني بالضرورة القدرة على التنفيذ، في ظل أزمات اقتصادية داخلية، وتجاذبات سياسية على جانبي الأطلسي. أوروبا أمام لحظة خيار: إما الاستمرار في ظل مظلة أميركية مشروطة، أو بناء قدرة دفاعية مستقلة ومتعددة المصادر. أما الولايات المتحدة، فعليها أن تحسم إن كانت ترى في الناتو عبئاً أو استثماراً استراتيجياً.

 

وفيما يتهيأ الحلف لمواجهة عالم أكثر خطراً وأقل يقيناً، يبقى السؤال الأهم: هل نحن أمام تحوّل حقيقي في عقيدة الناتو؟ أم مجرد استجابة موضعية لأزمات ظرفية؟

 

الجواب لن يُعرف في البيانات الختامية، بل في الميدان، في مدى صمود أوروبا، وموقع أميركا في نظام عالمي يعاد تشكيله.