ملاك درويش - خاصّ الأفضل نيوز
في الخامس عشر من مايو من كل عام، تعيش الأرض الفلسطينية على وقع ذاكرة مؤلمة، حيث يصادف هذا التاريخ ذكرى النكبة الفلسطينية عام 1948، حين تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم، وفقدوا أراضيهم وممتلكاتهم وأصبحوا لاجئين. في نفس هذا اليوم القاسي، تحتفل "إسرائيل" بذكرى استقلالها، في احتفال يمجد تأسيس ما يسمى بالدولة اليهودية.
هذه الازدواجية في التاريخ تبرز بوضوح الفجوة العميقة في فهم ومعايشة التاريخ بين الفلسطينيين والصهاينة.
وهنا حريّ بنا التطرق إلى "النكبة" -الجرح الذي لا يندمل، إذ تُعد النكبة نقطة تحول محورية في تاريخ الشعب الفلسطيني.
ففي عام 1948، شهدت فلسطين موجة من العنف والتهجير القسري، حيث دمرت أكثر من 500 قرية فلسطينية، وأجبر ما يقرب من 750,000 فلسطيني على النزوح من منازلهم، تاركين وراءهم أراضيهم وممتلكاتهم. وعاش هؤلاء اللاجئون في مخيمات مؤقتة في الدول المجاورة، حاملين معهم مفاتيح بيوتهم وآمال العودة، التي ظلت متوارثة عبر الأجيال.
في الجانب الآخر، يحتفل الإسرائيليون بيوم استقلالهم الذي يرونه بمثابة ولادة جديدة لشعب طال انتظاره، دولة توسعية مستقلة بعد قرون من التشرد والاضطهاد بحسب قولهم، والجدير بالذكر أن هذا اليوم يعتبر في الوعي الإسرائيلي تجسيداً لأحلام الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في أرض الميعاد.
وفي هذا السياق نجد احتفالاتهم تشمل عروضاً عسكرية، وألعابًا نارية، ومهرجانات كي يشعروا بالانتماء الوهمي الذي بنوه بمستعمراتٍ على أرض مسروقة، محتلة ومغصوبة.
ويلاحظ من خلال القراءة التاريخية أن هذه التواريخ المتزامنة تطرح سؤالاً جوهرياً حول الرواية التاريخية والصراع على الذاكرة. فبالنسبة للفلسطينيين إن النكبة هي سردية معاناة وفقدان، وتجسيد لظلم تاريخي مستمر يستدعي الاعتراف والعدالة.
أما الإسرائيليون فيرون في إعلان ما يسمونه بدولتهم نصراً تاريخياً وتحقيقاً لحق تقرير المصير.
وبطبيعة الحال، لا وجود لعيد استقلال إسرائيلي إذ إنه لا اعتراف بوجود من يدمر ويسلب ويسرق أرضًا ويرتكب المجازر الوحشية بحق شعبٍ مظلوم على أرضه ووطنه. من هنا تبقى النكبة الفلسطينية ذكرى محفورة في أعماق كل وطني ومقاوم وشريف يناهض ويؤكد على القضية الفلسطينية والهوية الوطنية الفلسطينية وحقّ العودة.