د. أكرم حمدان - خاصّ "الأفضل نيوز"
كان ملفتاً بعض ما جاء في البيان الأخير الذي صدر بعد اجتماع اللجنة الخماسية في مبنى السفارة الأميركية في عوكر، ونشر البيان على منصة X من قبل السفارة، ما يطرح جملة من الأسئلة ربما أهمها وأبرزها: هل بتنا فعلاً أمام مرحلة انتخاب رئيس للجمهورية، أم ما زلنا ننتظر نتائج ونهاية العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان؟
إن محاولة الإجابة على هذا السؤال الكبير والمركزي، تستدعي التمعن والتدقيق بمضمون بيان "الخماسية "الأخير وقراءته بهدوء وروية، فهو ذكر بفترة أكثر من 18 شهراً من الفراغ الرئاسي في لبنان، وأنه لا يمكن للبنان الانتظار شهراً آخر، وكأنه يقول أو يُوحي بأن المهلة الممنوحة للقوى السياسية والكتل النيابية، بدأت تضيق، مع التذكير بما أسماه البيان "الوضع الحرج الذي يواجه الشعب اللبناني والتداعيات، صعبة التدارك، على اقتصاد لبنان واستقراره الاجتماعي بسبب تأخير الإصلاحات الضرورية".
الملاحظة الثانية كانت في الإشارة إلى أن انتخاب الرئيس بات ضروريًّا أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية، ما يعني بطريقة غير مباشرة بأن هناك مناقشات ومباحثات تجري بشأن الوضع في الجنوب وعلى الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الملاحظ الثالثة، هي إشارة البيان إلى محادثات سفراء الخماسية مع الكتل النيابية والنتيجة التي توصلت إليها بأن هذه الكتل متفقة على الحاجة الملحّة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، والإشارة إلى استعداد البعض لإنجاز ذلك بحلول نهاية شهر أيار 2024.
وعطفاً على المشاورات التي أجرتها الخماسية، يرى السفراء أن مشاورات، محدودة النطاق والمدة، بين الكتل السياسية ضرورية لإنهاء الجمود السياسي الحالي، وأن هذه المشاورات يجب أن تهدف فقط إلى تحديد مرشّح متفق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة،وفور اختتام هذه المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعددة حتى انتخاب رئيس جديد.
وذكر البيان الأخير للخماسية ببيان الدوحة الصادر في تموز الماضي، وما له من تناقضات، لكن الإشارة الملفتة في نهاية البيان الأخير، كانت الاستعداد لمشاورات سياسية مقترحة مع جهود ومبادرات لبنانية بما فيها كتلة "الإعتدال الوطني"، ما يعني أن الممكن والمتاح في المرحلة المقبلة هو كيفية تدوير الزوايا بين اقتراح "الإعتدال"واقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري حول الحوار أو المشاورات، وقد انعكس ذلك في المواقف والتسريبات التي تلت بيان "الخماسية".
فزوار بري نقلوا عنه أنّه سيدعو إلى جلسات بدورات متتالية، وليس إلى جلسة واحدة بدورات متتالية، وهذه نقطة لا تزال خلافية، وموقف بري حاسم في هذا المجال انطلاقاً من دور وموقع مجلس النواب.
كذلك تحدثت المعلومات عن أنّ سفراء الخماسية سيقومون بزيارات إلى عدد من القوى السياسية بالتنسيق مع نواب"الإعتدال"، في محاولة لحل العقبات التي تقف أمام الحوار.
وتحدثت المعلومات عن احتمال عقد لقاء بين سفراء الخماسية والرئيس بري الذي يُبدي استعداداً وجهوزية لتوجيه الدعوة إلى الحوار إذا ما وجد رغبة أكيدة لدى كل الأطراف بالجلوس إلى طاولة الحوار أو التشاور.
في المحصلة، لا تزال كل المؤشرات تُشير إلى أن الملف الرئاسي اللبناني لا زال ثانوياً بالنسبة إلى دول القرار لأن أولويتها غزة، التي تشكل حالياً محط الاهتمام الأميركي والدولي، فالحل السياسي أصعب مما يتصوره البعض لأن لا توجّه دولياً لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته بما يحقّق الهدوء والاستقرار على جانبي الحدود، وهذا أقله ما سمعه ويسمعه المسؤولون اللبنانيون من المعنيين دوليًّا وتحديداً أميركيًّا، بأن إسرائيل لا تريد تنفيذ القرار 1701 لأنه لن توقف الطلعات الجوية فوق لبنان.
ألا يكفي هذا الموقف لكي يبقى الاستحقاق الرئاسي يترنح بين الجولات الدبلوماسية ووقائع الميدان العسكرية في غزة وجنوب لبنان؟.