د. علي دربج - خاصّ الأفضل نيوز
بعد سيطرة القوات الروسية على مدينة سوليدار الاستراتيجية، تنضم هذه البقعة الجغرافية المهمة، إلى منطقتي دونيتسك ولوغانسك الغنيتين بالمعادن والثروات الطبيعية الباطنية، بعدما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقّع في 7 تشرين الأول الماضي، على وثيقة التصديق الخاصة باتفاقيات انضمام هاتين الجمهوريتين إضافة الى مقاطعتي خيرسون وزابوروجيه، إلى قوام روسيا الاتحادية.
وما أهمية هذه المناطق من الناحية الاقتصادية؟
في الواقع تختزن هذه المناطق بعضًا من أكبر احتياطيات العالم من التيتانيوم وخام الحديد ، وحقول الليثيوم غير المستغلة، ومخزونات ضخمة من الفحم. وتكمن أهمية هذه المعادن الثمينة، بقيمتها المادية التي تفوق عشرات التريليونات من الدولارات.
علاوة على ذلك، توجد في المناطق مخزونات ضخمة من الفحم، الذي كان وما زال يستخدم في صناعة الصلب الحيوية، خصوصا في منطقة الشرق، هذا إلى جانب كميات كبيرة من رواسب الطاقة والمعادن القيمة الأخرى المستخدمة في كل شيء، بدءًا من قطع غيار الطائرات، وصولا إلى الهواتف الذكية، وفقا لتحليل قامت به شركة المخاطر الجيوسياسية الكندية SecDev، لصالح صحيفة الواشنطن بوست.
كما تحتوي هذه الأراضي على عدد لا يحصى من الاحتياطيات الأخرى ، بما في ذلك مخازن الغاز الطبيعي والنفط والمعادن الأرضية النادرة - وهي ضرورية لبعض المكونات عالية التقنية - والتي يمكن أن تعرقل بحث أوروبا عن بدائل للواردات من روسيا والصين.
وكم تقدر القيمة الفعلية المالية لهذه المعادن والثروات الطبيعية؟
كشف تحليل قامت به شركة SecDev، عن أن ما لا يقل عن 12.4 تريليون دولار من رواسب الطاقة والمعادن في هذه المناطق، سيعود مردودها المادي لموسكو التي باتت موسكو تملك ما مقداره 11 بالمائة من الرواسب النفطية، و 20 بالمائة، من مخزونات الغاز الطبيعي، و 42 في المائة من المعادن، و 33 في المائة من رواسبها من الأتربة النادرة والمعادن الهامة الأخرى بما في ذلك الليثيوم.
واستنادا الى شركة SecDev أصبحت موسكو تمتلك كذلك، حوالي 41 حقلاً للفحم ، و 27 موقعًا للغاز الطبيعي ، و 14 موقعًا للغاز الطبيعي ، وتسعة حقول نفط ، وستة مخزونات للخام الحديد ، وموقعين لخام التيتانيوم ، وموقعين لخام الزركونيوم ، وموقع واحد للسترونتيوم، فضلا عن موقع لليثيوم، وآخر لليورانيوم، إضافة الى رواسب ذهب، ومحجر كبير من الحجر الجيري المستخدم سابقًا في إنتاج الصلب.
وماذا عن مخزونات الفحم المواد الصخرية الرسوبية الأخرى؟
يعتبر الفحم الأكثر وفرة من المخزونات الطبيعية في الأجزاء الخاضعة للحكم الروسي. إذ تقدر القيمة التجارية لرواسب (مخزونات) الفحم الصلب في إقليمي دونيتسك ولوغانسك بنحو 30 مليار طن، أي بقيمة تجارية تبلغ حوالي 11.9 تريليون دولار ، وفقا لتقديرات SecDev.
وغني عن التعريف أن للفحم قيمة رمزية كمصدر للطاقة، حيث لا تزال العديد من مصانع الصلب في الحقبة السوفيتية تعمل على الفحم. وإضافة الى مناجم الفحم، تملك روسيا مخزونات كبيرة من الحجر الجيري تستخدم لإنتاج الصلب.
وفي السياق ذاته، يوجد في هذه المناطق حوض رسوبي عمره 400 مليون عام مليء بالمواد العضوية والصخور الصخرية السوداء، التي تحتوي على كميات كبيرة من الفحم والميثان. وهنا لا بد من الإشارة إلى جزء من استقلال الطاقة في الولايات المتحدة، يرجع إلى استخراج الميثان (الغاز الصخري) من هذه الصخور على التربة الأمريكية ".
أكثر من ذلك، هناك أيضًا قطاع آخر له ارتباط وثيق بالموارد الطبيعية في هذه المناطق، مثل الخزف الإيطالي. إذ تعد منطقة Sassuolo الايطالية لصناعة السيراميك، من أهم المناطق في العالم ، حيث لطالما اعتمدت جودة بلاطها على استيراد الطين والكاولين (وهو معدن يتم استخراجه من محاجر دونباس). كما أن 25 بالمائة من المواد الخام التي تحتاجها صناعة السيراميك الإيطالية هذه، يعود مصدرها إلى إقليم دونباس الذي ضمته موسكو.
وكيف تستغل روسيا هذه الثروات؟
سعت روسيا إلى إعادة تنشيط الاقتصادات في هذه المناطق، من خلال استئناف عمليات التعدين وإنتاج الصلب، كما فعلت في أحد مصنعي الصلب الرئيسيين في ماريوبول التي تم الاستيلاء عليها.
علاوة على ذلك، يتوقع الخبراء والمحللين أن روسيا ستكون مستعدة أو قادرة على القيام بالاستثمارات الواسعة النطاق المطلوبة لاستخراج هذه المعادن، حيث تستند هذه الافتراضات جزئيًا، إلى ما فعلته روسيا بالمناجم التي أضحت بيدها في عام 2014.
في الختام، من المتوقع أن تساهم ثروات هذه الأقاليم، في تغذية الخزائن الروسية ومقاومة الحصار الغربي الذي يخوض حربا شعواء لتجفيف المنابع المالية لموسكو، بعدما أظهر اقتصادها صلابته بالرغم من كل العقوبات التي يتعرض لها.

alafdal-news



