عبد الله قمح - خاص الأفضل نيوز
ما استرعى الانتباه غداة انتهاء زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان هو الطريقة التي عومل بها.
فقبل مغادرته الأراضي اللبنانية تولّت وسائل إعلام معيّنة ناطقة غالباً باسم مجموعات سياسية توديعه بطريقة فجّة عبر إعلان فشل الزيارة، وقد أقيم لها تأبين وجنّاز حارّين قاربا النّعي الرسمي، ليس للزيارة فقط إنما للوساطة الفرنسية ومستقبلها ككل.
أهم ما استرعى الانتباه في السياق، طريقة تعامل السفارة الفرنسية نفسها. ففضلت عدم الخروج بإعلان أو بيان كما درجت العادة في زيارات مماثلة، تفصح فيه عن مضمون ما بحثه المبعوث والشخصيات التي التقى بها وخلاصة أعماله طيلة يومين قضاهم في بيروت.
وهكذا بات الظن أن الوساطة الفرنسية لا حول ولا قوة لها، وإن الضيف الذي غادر بيروت قبل عام واعداً بالعودة في غضون أسابيع، غادر مرة جديدة لكن من دون أي وعد بالعودة، ما يكشف عن جحم المعاناة السياسية التي تشهدها فرنسا من وراء الأزمة اللبنانية.
زد على ذلك أن الأميركيين أنفسهم تعاملوا بكثيرٍ من "الجفاصة"، فبعد ساعات قليلة من مغادرة لودريان، خرج مبعوثهم عاموس هوكشتين متحدثاً عن ما أسماه "احتمالية التوصل إلى ترتيبات في ما خص جبهة الجنوب"، كأنه يفرد القدرات الأميركية على الطاولة ويقول أن الأوراق الفرنسية المقدمة إلى لبنان في هذا الصدد لا معنى لها.
عملياً، يعكس الأداء الداخلي عقم الحلول الفرنسية. فلا الزيارة وفّرت ترتيبات إيجابية معينة تعكس نمطاً داخلياً مختلفاً، ولا توصلت إلى فكرة جمع القوى على طاولة واحدة على خلاف اسمها (مشاورات أو حوار)، ولا تقيّدت تلك القوى بفكرة "المرشح الثالث"، على اعتبار أن لكل فريق مرشحه، وليس ثمة من أحد مستعدّ للتّضحية بمرشح على حساب آخر متى كان الفريق المفاوض فرنسي، بمعنى آخر ليس في استطاعة فرنسا تأمين ضمنات من أي جانب، وهو ما يسهم كثيراً في ضرب المساعي الفرنسية.
أضف إلى ذلك أن الجو العام الغالب لدى فريق "الخماسية الدولية" أقله على صعيد السفراء في بيروت (بمعزل عن رأي السفير الفرنسي)، أن هؤلاء سلّموا باجتماعاتهم مع القوى السياسية، كما أن لا مواعيد جديدة تذكر على جدول أعمالهم، فيما جزء منهم يعتبر أن البيان الذي صدر عن الاجتماع الأخير في السفارة الأميركية في عوكر، كتبت على أساس أنه "خريطة طريق" سيلتزم هؤلاء السفراء ودولهم السير وفقها خلال الفترة المقبلة.
وبهذا المعنى ليس من ضرورة لاجتماعات تكرّر المكرّر أو لقاءات أو جولات جماعية تشمل سياسيين معينين، كما أنه ليس من ضرورة الإعلان عن انتهاء "نشاط الخماسية" وفق الشكل الماضي.
وفي حال كان لا بدّ من اجتماع أو أن طارئاً قد حضر وفرض نفسه، فيجوز اللّقاء وفق خانة التّشاور مع مندوبين من الموظفين في السّفارات.